للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحزاب: «الآن نغزوهم ولا يغزونا» «١» .

ثم ختم- سبحانه- الحديث عن غزوة الأحزاب، ببيان ما حل ببني قريظة من عذاب مهين، بسبب نقضهم لعهودهم فقال: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ.

والصياصي: جمع صيصية وهي كل ما يتحصن به من الحصون وغيرها. ومنه قيل لقرن الثور صيصية لأنه يدفع به عن نفسه.

أى: وبعد أن رحلت جيوش الأحزاب عنكم أيها المؤمنون- أنزل الله- تعالى- بقدرته الذين ظاهروهم وناصروهم عليكم، وهم يهود بنى قريظة، أنزلهم من حصونهم، ومكنكم من رقابهم.

وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الشديد منكم، بحيث صاروا مستسلمين لكم، ونازلين على حكمكم.

فَرِيقاً منهم تَقْتُلُونَ وهم الرجال. وتأسرون فريقا آخر وهم الذرية والنساء.

وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ أى: وأورثكم الله- تعالى- أرض هؤلاء اليهود وزروعهم كما أورثكم دِيارَهُمْ أى حصونهم وَأَمْوالَهُمْ التي تركوها من خلفهم، كنقودهم ومواشيهم.

كما أورثكم أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها بعد يقصد القتال وهي أرض خيبر، أو أرض فارس والروم.

وفي هذه الجملة الكريمة وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها بشارة عظيمة للمؤمنين، بأن الله- تعالى- سينصرهم على أعدائهم.

وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

أخرج الشيخان عن عائشة- رضى الله عنها- قالت: «لما رجع النبي صلّى الله عليه وسلّم من الخندق، ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل فقال: يا محمد قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه فاخرج إليهم فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: فإلى أين؟ قال: هاهنا. وأشار إلى بنى قريظة. فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم إليهم» .

وعن ابن عمر- رضى الله عنهما- قال: قال النبي- صلّى الله عليه وسلّم- يوم الأحزاب، لا يصلين أحد العصر إلا في بنى قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال


(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>