دخولا أوليا: نساؤه صلّى الله عليه وسلّم بقرينة سياق الآيات.
أى: إنما يريد الله- تعالى- بتلك الأوامر التي أمركن بها، وبتلك النواهي التي نهاكن عنها، أن يذهب عنكن الآثام والذنوب والنقائص، وأن يطهركن من كل ذلك تطهيرا تاما كاملا.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ... هذا نص في دخول أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم في أهل البيت ها هنا، لأنهن سبب نزول هذه الآية..
وقد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك، فقد روى الإمام أحمد بسنده- عن أنس بن مالك قال: «إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: الصلاة يا أهل البيت: ثم يتلو هذه الآية..» «١» .
وقال بعض العلماء: والتحقيق- إن شاء الله- أنهن داخلات في الآية، بدليل السياق، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت..
ونظير ذلك من دخول الزوجات في اسم أهل البيت، قوله- تعالى- في زوجة إبراهيم:
قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.
وأما الدليل على دخول غيرهن في الآية، فهو أحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال في على وفاطمة والحسن والحسين- رضى الله عنهم-: «إنهم أهل البيت» ودعا الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا.
وبما ذكرنا تعلم أن الصواب شمول الآية الكريمة لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم ولعلى وفاطمة والحسن والحسين.
فإن قيل: الضمير في قوله: لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وفي قوله: وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ضمير الذكور، فلو كان المراد أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم لقيل ليذهب عنكن ويطهركن؟.
فالجواب: ما ذكرناه من أن الآية تشملهن وتشمل فاطمة وعلى والحسن والحسين، وقد أجمع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجموع ونحوها..
ومن أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن، أن زوجة الرجل يطلق عليها أهل،
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٠٦ فقد ساق بضعة أحاديث في هذا المعنى.