للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال- سبحانه-: إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً للإشعار، بأن ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلّم إنما يفعله بأمر الله- تعالى- لأنه صلّى الله عليه وسلّم لا ينطق عن الهوى.

وقوله: أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ أى: لا يصح لمؤمن أو مؤمنة إذا أراد الله ورسوله أمرا، أن يختاروا ما يخالف ذلك، بل يجب عليهم أن يذعنوا لأمره صلّى الله عليه وسلّم وأن يجعلوا رأيهم تابعا لرأيه في كل شيء.

وكلمة الخيرة: مصدر من تخيّر، كالطّيرة مصدر من تطيّر. وقوله: مِنْ أَمْرِهِمْ متعلق بها، أو بمحذوف وقع حالا منها.

وجاء الضمير في قوله لَهُمُ وفي قوله مِنْ أَمْرِهِمْ بصيغة الجمع: رعاية للمعنى إذ أن لفظي مؤمن ومؤمنة وقعا في سياق النفي، فيعمان كل مؤمن وكل مؤمنة.

وقوله- سبحانه-: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً بيان لسوء عاقبة من يخالف أمر الله ورسوله.

أى: ومن يعص الله ورسوله في أمر من الأمور، فقد ضل عن الحق والصواب ضلالا واضحا بينا.

ثم ذكر- سبحانه- قصة زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم من السيدة زينب بنت جحش، وما ترتب على هذا الزواج من هدم لعادات كانت متأصلة في الجاهلية فقال- تعالى-: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ.. أى: واذكر- أيها الرسول الكريم- وقت أن قلت للذي أنعم الله- تعالى- عليه بنعمة الإيمان، وهو زيد بن حارثة- رضى الله عنه-.

وأنعمت عليه، بنعمة العتق، والحرية، وحسن التربية، والمحبة، والإكرام..

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ أى: اذكر وقت قولك له: أمسك عليك زوجك زينب بنت جحش، فلا تطلقها، واتق الله في أمرها، واصبر على ما بدر منها في حقك..

وكان زيد- رضى الله عنه- قد اشتكى للنبي صلّى الله عليه وسلّم من تطاولها عليه، وافتخارها بحسبها ونسبها، وتخشينها له القول، وقال: يا رسول الله، إنى أريد أن أطلقها.

وقوله- تعالى-: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ معطوف على تَقُولُ. أى:

تقول له ذلك وتخفى في نفسك الشيء الذي أظهره الله- تعالى- لك، وهو إلهامك بأن زيدا سيطلق زينب، وأنت ستتزوجها بأمر الله- عز وجل-.

قال الآلوسى: والمراد بالموصول مَا على ما أخرج الحكيم الترمذي وغيره عن على

<<  <  ج: ص:  >  >>