للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: إذا طلق هؤلاء الأدعياء أزواجهم، وانقضت عدة هؤلاء الأزواج، فلا حرج على الذين سبق لهم تبنى هؤلاء الأدعياء أن يتزوجوا بنسائهم، ولهم في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة.

وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أى: وكان ما يريده الله- تعالى- حاصلا لا محالة.

قال الإمام ابن كثير: قوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها.. أى: لما فرغ منها وفارقها زوجناكها، وكان الذي ولى تزويجها منه هو الله- عز وجل-. بمعنى: أنه أوحى إليه أن يدخل بها بلا ولىّ ولا مهر ولا عقد ولا شهود من البشر..

روى الإمام أحمد عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب- رضى الله عنها- قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لزيد بن حارثة: «اذهب فاذكرها على» فانطلق حتى آتاها وهي تخمر عجينها.

قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها. وجعلت أقول- وقد وليتها ظهري، ونكصت على عقبى- يا زينب. أبشرى. أرسلنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي- أى: أستشيره في أمرى-، فقامت إلى مسجدها. ونزل القرآن. وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن ...

وروى البخاري عن أنس بن مالك، أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات.. «١» .

وقال الإمام الشوكانى: وقوله: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ ...

أى: في التزوج بأزواج من يجعلونه ابنا، كما كانت تفعله العرب، فإنهم كانوا يتبنون من يريدون.. وكانوا يعتقدون أنه يحرم عليهم نساء من تبنوه، كما تحرم نساء أبنائهم على الحقيقة. والأدعياء: جمع دعى، وهو الذي يدعى ابنا من غير أن يكون ابنا على الحقيقة.

فأخبرهم الله- تعالى- أن نساء الأدعياء حلال لهم- بعد انقضاء العدة- بخلاف الأبناء من الصلب، فإن نساءهم تحرم على الآباء بنفس العقد عليها.. «٢» .

وبعد أن بين- سبحانه- الحكمة من زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بالسيدة زينب بنت جحش، التي كانت قبل ذلك زوجة لزيد بن حارثة- الذي كان الرسول قد تبناه وأعتقه- بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة في تقرير هذه الحكمة وتأكيدها، وإزالة كل ما علق بالأذهان بشأنها، فقال- تعالى-: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ...


(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٢٠. [.....]
(٢) تفسير فتح القدير ج ٦ ص ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>