للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يجب على سائر المسلمات. أى: ما عدا ما يبدو عند المهنة، أما هو فلا يجب على المسلمات حجبه وستره عن الكافرات «١» .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ، أَوْ آبائِهِنَّ، أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ، أَوْ أَبْنائِهِنَّ، أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ ... الآية.

ثم عقب. سبحانه هذا الترخيص والتيسير بقوله: وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً.

والجملة الكريمة معطوفة على محذوف، والتقدير: لقد أبحت لكن يا معشر النساء مخاطبة هؤلاء الأصناف بدون حجاب: فامتثلن أمرى، واتقين الله- تعالى- في كل أحوالكن، واحرصن على العفاف والتستر والاحتشام، لأن الله- تعالى- مطلع على كل ما يصدر عنكن، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

ثم أثنى الله- تعالى- على نبيه ثناء كبيرا وأمر المؤمنين بأن يعظموه ويوقروه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

قال القرطبي ما ملخصه: هذه الآية شرف الله بها رسوله صلّى الله عليه وسلّم في حياته وموته، وذكر منزلته منه.. والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره..

والضمير في يُصَلُّونَ لله- تعالى- ولملائكته. وهذا قول من الله شرف به ملائكته..

أو في الكلام حذف. والتقدير: إن الله يصلى وملائكته يصلون «٢» .

وقال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية الكريمة، أن الله- تعالى- أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى: بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلى عليه، ثم أمر الله أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه. ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلى جميعا «٣» .

والمعنى: إن الله- تعالى- يثنى على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم ويرضى عنه، وإن الملائكة تثنى عليه صلّى الله عليه وسلّم وتدعو له بالظفر بأعلى الدرجات وأسماها.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ أى: عظموه ووقروه وادعوا له بأرفع الدرجات وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أى: وقولوا: السلام عليك أيها النبي. والسلام: مصدر بمعنى السلامة.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٤٥٤. [.....]
(٢) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ٢٣٢.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>