للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقوق هذه الامانة التي التزموا بحملها.

قال الآلوسى: إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا أى: بحسب غالب أفراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة، دون من عداهم من الذين لم يبدلوا فطرة الله ويكفى في صدق الحكم على الجنس بشيء، وجوده في بعض أفراده، فضلا عن وجوده في غالبها.. «١» .

وقال بعض العلماء: ورجوع الضمير إلى مجرد اللفظ دون اعتبار المعنى التفصيلي معروف في اللغة التي نزل بها القرآن.

وقد جاء فعلا في آية من كتاب الله، وهي قوله- تعالى-: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ... لأن الضمير في قوله: وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ راجع إلى لفظ المعمر دون معناه التفصيلي، كما هو ظاهر.

وهذه المسألة هي المعروفة عند علماء العربية بمسألة: عندي درهم ونصفه. أى: ونصف درهم آخر «٢» .

وأصحاب هذا الاتجاه يقولون: لا مانع إطلاقا من أن يخلق الله- تعالى- إدراكا ونطقا للسموات والأرض والجبال، ولكن هذا الإدراك والنطق لا يعلمه إلا هو- سبحانه-.

ومما يشهد لذلك قوله- تعالى-: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «٣» .

قال الجمل: وكان هذا العرض عليهن- أى على السموات والأرض والجبال تخييرا لا إلزاما، ولو ألزمهن لم يمتنعن عن حملها. والجمادات كلها خاضعة لله- تعالى- مطيعة لأمره، ساجدة له.

قال بعض أهل العلم: ركب الله- تعالى- فيهن العقل والفهم حين عرض عليهن الأمانة، حتى عقلن الخطاب، وأجبن بما أجبن «٤» .

ويرى بعضهم أن العرض في الآية الكريمة من قبيل ضرب المثل، أو من قبيل المجاز.

قال الإمام القرطبي ما ملخصه: لما بين- تعالى- في هذه السورة من الأحكام ما بين، أمر بالتزام أوامره، والأمانة تعم جميع وظائف الدين، على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور..


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٩٦. [.....]
(٢) تفسير «أضواء البيان» ج ٦ ص ٦٠٦ للشيخ محمد الأمين الشنقيطى.
(٣) سورة الإسراء الآية ٤٤.
(٤) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>