للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال نعم. قال: فما باله لم يطعمهم؟ قال أبو بكر: ابتلى- سبحانه- قوما بالفقر، وقوما بالغنى، وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالإعطاء.

فقال أبو جهل: والله يا أبا بكر: إن أنت إلا في ضلال، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء وهو لا يطعمهم، ثم تطعمهم أنت.. فنزلت هذه الآية.

وقيل: كان العاصي بن وائل السهمي، إذا سأله المسكين قال له: اذهب إلى ربك فهو أولى منى بك. ثم يقول: قد منعه الله فأطعمه أنا.. «١» .

والمعنى. وإذا قال قائل من المؤمنين لهؤلاء الكافرين: أنفقوا على المحتاجين شيئا من الخير الكثير الذي رزقكم الله- تعالى- إياه.

قال الكافرون- على سبيل الاستهزاء والسخرية- للمؤمنين: هؤلاء الفقراء الذين طلبتم منا أن ننفق عليهم، لو شاء الله لأطعمهم ولأغناهم كما أغنانا.

إِنْ أَنْتُمْ أيها المؤمنون إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ في أمركم لنا بالإنفاق عليهم أو على غيرهم.

قال الشوكانى ما ملخصه: وقوله: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ حكاية لتهكم الكافرين، وقد كانوا سمعوا المؤمنين يقولون: إن الرزاق هو الله، وإنه يغنى من يشاء، ويفقر من يشاء، فكأنهم حاولوا بهذا القول الإلزام للمؤمنين، وقالوا: نحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله. وهذا غلط منهم ومكابرة ومجادلة بالباطل، فإن الله- سبحانه- أغنى بعض خلقه وأفقر بعضا، وأمر الغنى أن يطعم الفقير، وابتلاه به فيما فرض له من ماله من الصدقة، وقولهم: مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ هو وإن كان كلاما صحيحا في نفسه، ولكنهم لما قصدوا به الإنكار لقدرة الله، وإنكار جواز الأمر بالإنفاق مع قدرة الله، كان احتجاجهم من هذه الحيثية باطلا.

وقوله: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ من تتمة كلام الكفار. وقيل: هو رد من الله عليهم.. «٢» .

ثم يحكى القرآن إنكارهم للبعث، واستهزاءهم بمن يؤمن به فيقول: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

أى: ويقول الكافرون للمؤمنين- على سبيل الاستهزاء والتكذيب بالبعث- مَتى هذَا الْوَعْدُ


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٥١٧.
(٢) تفسير فتح القدير ج ٤ ص ٣٧٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>