للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ فِيها أى في الجنة فاكِهَةٌ كثيرة متنوعة وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ أى: ولهم فوق ذلك جميع ما يطلبونه من مطالب وما يتمنونه من أمنيات.

فقوله: يَدَّعُونَ يصح أن يكون من الدعاء بمعنى الطلب، كما يصح أن يكون من الادعاء بمعنى التمني.

يقال: ادع علىّ ما شئت أى: تمن علىّ ما شئت. ويقال: فلان في خير ما يدّعى، أى: في خير ما يتمنى.

ثم ختم- سبحانه- هذا العطاء الجزيل للمؤمنين بقوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ.

وللمفسرين في إعراب قوله: سَلامٌ أقوال منها: أنه مبتدأ خبره الناصب للفظ قَوْلًا أى: سلام يقال لهم قولا ... «١» .

وقد أشار صاحب الكشاف إلى بعض هذه الأقوال فقال: وقوله: سَلامٌ بدل من قوله ما يَدَّعُونَ كأنه قال لهم: سلام يقال لهم قولا من جهة رب رحيم.

والمعنى: أن الله- تعالى- يسلم عليهم بواسطة الملائكة، أو بغير واسطة، مبالغة في تكريمهم، وذلك غاية متمناهم.. «٢» .

وقد ذكر الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث، منها ما رواه ابن أبى حاتم- بسنده- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بينما أهل الجنة في نعيمهم، إذ سطح لهم نور، فرفعوا رءوسهم فإذا الرب- تعالى- قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة. فذلك قوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ماداموا ينظرون إليه. حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم» «٣» .

والمتأمل في هذه الآيات الكريمة- كما يقول الإمام الفخر الرازي- يراها تشير إلى أن أصحاب الجنة ليسوا في تعب، كما تشير إلى وحدتهم، وإلى حسن المكان، وإلى إعطائهم كل ما يحتاجونه، وإلى تلذذهم بالنعيم وإلى تلقيهم لأجمل تحية..» «٤» .

هذا هو حال المؤمنين، وهذا بعض ما يقال لهم من ألفاظ التكريم، فماذا يقال للمجرمين.


(١) راجع حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٥٢١.
(٢) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٢٢.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٧٠.
(٤) راجع تفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>