وهنا يبين- سبحانه- حكمه العادل في الجميع، في الرؤساء والأتباع فيقول فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ.
أى: كما كانوا متشاركين في الدنيا في الغواية والضلالة، فإنهم في الآخرة مشتركون جميعا في حلول العذاب بهم، وذوقهم لآلامه وسعيره.
فالضمير في قوله فَإِنَّهُمْ يعود للتابعين والمتبوعين، لأنهم جميعا مستحقون للعذاب.
ثم بين- سبحانه- الأسباب التي أدت بالكافرين جميعا إلى هذا المصير السيئ فقال:
إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أى: مثل هذا العذاب الأليم نفعل بالمجرمين، لأنهم أشركوا معنا غيرنا في العبادة، وآذوا رسلنا الذين جاءوا لهدايتهم وإرشادهم.
إِنَّهُمْ كانُوا في الدنيا إِذا قِيلَ لَهُمْ على سبيل النصيحة والدعوة إلى الحق لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ عن قبول هذه النصيحة، ويعرضون عنها، ويصرون على كفرهم وجحودهم للحق، ويستكبرون عن النطق بكلمة الإيمان.
وَيَقُولُونَ لمن نصحهم: أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ.
أى: ويقولون باستهزاء وغرور لمن دعاهم إلى الإيمان وإلى قول لا إله إلا الله، يقولون له أتدعونا إلى أن نترك ما عليه آباؤنا وأجدادنا من عقائد وأفعال، وإلى أن نتبع ما جاءنا به هذا الشاعر المجنون.
ويعنون بالشاعر المجنون- قبحهم الله- رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي أرسله الله- تعالى- لهدايتهم.
ولذا رد الله- تعالى- عليهم بقوله: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ.
أى: ليس الرسول صلّى الله عليه وسلم شاعرا أو مجنونا، كما زعمتم- أيها الجاهلون-، بل هو رسول صادق فيما يبلغه عن ربه، وقد جاءكم بالحق وهو دين التوحيد الذي دعا إليه جميع الرسل، فكان مصدقا لهم في الدعوة إليه. فكيف تزعمون أنه شاعر مجنون؟
إِنَّكُمْ.. أيها المشركون بسبب هذه المزاعم لَذائِقُوا في هذا اليوم الْعَذابِ الْأَلِيمِ الذي يذلكم ويخزيكم ويجعلكم في حزن دائم.
وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى: وما نجازيكم بهذا الجزاء الموجع المؤلم. إلا بسبب أعمالكم القبيحة في الدنيا.
وهكذا نجد الآيات الكريمة قد بينت لنا بأسلوب مؤثر بديع، سوء عاقبة الكافرين، بسبب