وصفاته الحسنة ككونه لذيذ الطعم، حسن المنظر، غير مقطوع ولا ممنوع إلى غير ذلك من الصفات التي تجعله محل الرغبة والاشتهاء.
وقوله- تعالى-: فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ بدل مما قبله، أو خبر لمبتدأ محذوف، أى هذا الرزق المعلوم، هو فواكه.
والمراد بهذه الفواكه: ما يأكله الآكل على سبيل التلذذ والتفكه، وجميع ما يأكله أهل الجنة كذلك حتى اللحم والخبز، لأنهم في الجنة في غنى عن القوت الذي يحفظون به حياتهم. وخصت الفاكهة بالذكر لأنها أطيب ما يأكله الآكلون.
وفضلا عن كل ذلك فهم فيها منعمون مكرمون، لا يحتاجون إلى شيء إلا ويجدونه بين أيديهم، بفضل الله- تعالى- ورحمته.
ثم بين- سبحانه- مكانهم وهيئتهم فقال: فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ.
أى: هم في جنات ليس فيها إلا النعيم الدائم، وهم في الوقت نفسه يجلسون على سرر متقابلين، بأن تكون وجوههم متقابلة لا متدابرة، فإن من شأن المتصافين أن يجلسوا متقابلين.
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ والكأس. هو الإناء الذي فيه شراب، فإن لم يكن فيه شراب فهو قدح، وقد يسمى الشراب ذاته كأسا، فيقال: شربت كأسا، وذلك من باب تسمية الشيء باسم محله.
و «معين» اسم فاعل من معن وهو صفة لكأس مأخوذ من عان الماء إذا نبع وظهر على الأرض. أى: يطاف على هؤلاء العباد المخلصين وهم في الجنة، بكأس ملئ بخمر لذة للشاربين، نابعة من العيون، وظاهرة للأبصار، تجرى في أنهار الجنة كما تجرى المياه في الأنهار.
فالتعبير بقوله- تعالى- بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ يشعر بكثرتها، وقربها ممن يريدها.
وقوله- تعالى-: بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ صفتان للكأس باعتبار ما فيه.
أى هذه الخمر التي يطاف بها عليهم، بيضاء اللون، لذيذة الطعم والرائحة عند الشاربين.
لا فِيها غَوْلٌ أى: أذى أو مضرة، والغول. إهلاك الشيء- على غرة وغفلة.
يقال: غاله يغوله غولا، واغتاله اغتيالا، إذا قضى عليه بغتة، وأخذه من حيث لا يشعر.
أى: أن خمر الآخرة ليس فيها ما يضر أو يؤذى، كما هو الحال بالنسبة لخمر الدنيا.