للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وختمت ببيان ما أعده- سبحانه- للكافرين من شديد العقاب، وما أعده للمتقين من كريم الثواب.

قال- تعالى-: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً، حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ. وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ، فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

١١- هذا، والمتأمل في سورة «الزمر» بعد هذا العرض المجمل لها. يراها قد اشتملت على مقاصد متنوعة من أهمها ما يأتى:

(أ) إقامة الأدلة المتعددة على وحدانية الله- تعالى- وعلى وجوب إخلاص العبادة له، تارة عن طريق خلق السموات والأرض، وتكوين الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، وخلق الناس جميعا من نفس واحدة ... وتارة عن طريق لجوء المشركين إليه وحده عند الشدائد، وتارة عن طريق توفى الأنفس حين موتها، وتارة عن طريق ضرب الأمثال، كما في قوله- تعالى-: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا. الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

(ب) تذكير الناس بأهوال الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب. وبعث ونشور، وفرح يعلو وجوه المتقين، وكآبة تجلل وجوه الكافرين.

نرى ذلك في مثل قوله- تعالى-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ. وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ، لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

وفي مثل قوله- تعالى-: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ. وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ، وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ.

(ج) تلقين الرسول صلّى الله عليه وسلم الحجج والإجابات التي يرد بها على شبهات المشركين، وعلى دعاواهم الباطلة، فقد تكرر لفظ «قل» في هذه السورة كثيرا، ومن ذلك قوله- تعالى-:

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ... ... قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ....

<<  <  ج: ص:  >  >>