للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمع في قوله- تعالى-: أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ باعتبار دخول الأتباع تباعا:

ومراتب التقوى متفاوتة، ولرسول الله صلّى الله عليه وسلم أعلاها ... «١» .

ثم بين- سبحانه- ما أعده لهؤلاء المتقين من نعيم فقال لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ....

أى: لهؤلاء المتقين كل ما يشاءونه عند ربهم ومالك أمرهم، بسبب تصديقهم للحق، واتباعهم لما جاءهم به رسولهم صلّى الله عليه وسلم.

وفي قوله: «عند ربهم» تكريم وتشريف لهم.

وقوله: ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ أى: ذلك الذي ذكرناه من حصولهم على ما يشتهونه، جزاء من أحسنوا في أقوالهم وأفعالهم.

ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر تكريمه لهم، ورحمته بهم فقال: لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا، وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ.

واللام في قوله: «ليكفر ... » متعلقة بمحذوف، أى: أعطاهم- سبحانه- ما أعطاهم من فضله ورحمته ليكفر عنهم أسوأ الذنوب التي عملوها، كالكفر قبل الإسلام، بأن يغفر لهم ذلك ولا يؤاخذهم عليه.

وإذا غفر الله- تعالى- لهؤلاء المتقين أسوأ أعمالهم، غفر لهم- بفضله ورحمته ما هو دونه بالطريق الأولى.

«ويجزيهم أجرهم» أى: ويعطيهم ثواب أعمالهم «بأحسن الذي كانوا يعملون» أى:

يعطيهم في مقابل عملهم الصالح في الدنيا جنات فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وعلى هذا التفسير يكون قوله- تعالى-: أسوأ وأحسن، أفعل تفضيل حيث كفر- سبحانه- عنهم أسوأ أعمالهم، وكافأهم على أعمالهم بما هو أحسن منها وهو الجنة.

وهذا منتهى الفضل والإحسان من الله- تعالى- لعباده المتقين، حيث عاملهم بالفضل ولم يعاملهم بالعدل.

ومنهم من يرى أن قوله: أسوأ وأحسن، بمعنى السيئ والحسن، فيكون أفعل التفضيل ليس على بابه، وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: ما معنى إضافة الأسوأ والأحسن إلى الذي عملوا؟ وما معنى التفضيل فيهما؟.


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٤ ص ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>