للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرضاعه، أو يكلفها بما ليس في مقدورها أو ما يخالف وظيفتها، ولا ينبغي كذلك أن يقع ضرر على الأب بسبب ولده، بأن تكلفه الأم بما لا تتسع له قدرته مستغلة محبته لولده وعنايته بتنشئته تنشئة حسنة.

قال الجمل: ولا في قوله: لا تُضَارَّ يحتمل أن تكون نافية فيكون الفعل مرفوعا، ويحتمل أن تكون ناهية فيكون الفعل مجزوما، وقد قرئ بهما في السبع، وعلى كل يحتمل أن يكون الفعل مبنيا للفاعل وللمفعول» «١» .

والمعنى على الاحتمالين واحد وهو أنه لا يجوز أن يضر كل واحد منهما صاحبه أو يضر من صاحبه بسبب حنوه على ولده واهتمامه بشأنه.

وأضاف الولد إلى كل منهما في الموضعين للاستعطاف، وللتنبيه على أن هذا الولد الذي رزقهما الله إياه جدير بأن يتفقا على رعايته وحمايته من كل ما يؤذيه، ولا يجوز مطلقا أن يكون مصدر قلق لأى واحد منهما.

وقدمت الأم في الجملة الكريمة، لأن الشأن فيها أن يكون حنوها أشد، وعاطفتها أرق، ولأن مظنة إنزال العنف والأذى بها أقرب لضعفها عن الأب.

فالجملة الكريمة توجبه سديد، وإرشاد حكيم، للآباء والأمهات إلى أن يقوم كل فريق منهم بواجبه نحو صاحبه ونحو الأولاد الذين هم ثمار لهم.

وقوله: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ معطوف على قوله وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ. إلخ وما بينهما تعليل أو تفسير معترض.

أى: وعلى وارث الأب أو وارث الصبى- أى من سيرثه بعد موته- عليه مثل ما على الأب من النفقة وترك الإضرار. فهذه الجملة الكريمة سيقت لبيان من تجب عليه نفقة الصبى إذا فقد أباه، أو كان أبوه موجودا ولكنه عاجز عن الإنفاق عليه.

قال الآلوسى ما ملخصه: والمراد بالوارث وارث الولد فإنه يجب عليه مثل ما وجب على الأب من الرزق والكسوة بالمعروف إن لم يكن للولد مال. وهو التفسير المأثور عن عمر وابن عباس وقتادة.. وخلق كثير. وخص الإمام أبو حنيفة هذا الوارث بمن كان ذا رحم محرم من


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>