الذميم، حيث جادلوا في الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرته بدون علم أو حجة.
وقوله: أَنَّى يُصْرَفُونَ أى: انظر كيف يصرفون عن آيات الله الموجبة للإيمان بها.
إلى الجحود والتكذيب والجدال بالباطل فيها؟
لقد كان من المنتظر منهم أن يهتدوا إلى الحق بعد أن وصل إليهم.. ولكنهم عموا وصموا عنه. لانطماس بصائرهم، واستحواذ الشيطان عليهم.
وقوله: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ.. بدل من قوله الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ.
أى: تعجب من هؤلاء الذين كذبوا بالقرآن الكريم. الذي أنزلناه إليك- يا محمد- لتخرجهم به من الظلمات إلى النور.
وكذبوا- أيضا- بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا من سائر الكتب والمعجزات. فهم لم يكتفوا بالتكذيب بك بل أضافوا إلى ذلك تكذيبهم بكل كتاب ورسول.
وقوله- تعالى-: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وعيد شديد لهم على تكذيبهم بالرسل وبكتبهم، أى: فسوف يعلمون سوء عاقبة تكذيبهم لأنبياء الله- تعالى- ولكتبه التي أنزلها عليهم.
ثم فصل- سبحانه- هذا الوعيد، وبين ما أعده لهم من عذاب فقال: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ.
و «إذ» هنا ظرف بمعنى «إذا» وهو متعلق بيعلمون، وعبر- سبحانه- بالظرف الدال على المضي، للدلالة على تحقق الخبر، حتى لكأن العذاب قد نزل بهم فعلا.
والأغلال: جمع غل- بضم الغين- وهو القيد يوضع في اليد والعنق فيجمعهما.
والسلاسل: جمع سلسلة، وهي ما يربط بها الجاني على سبيل الإذلال له.
والحميم: الماء البالغ أقصى درجات الحرارة.
ويسجرون: مأخوذ من سجر التنور، إذا ملأه بالوقود.
والمعنى: فسوف يعلمون سوء عاقبة تكذيبهم وجدالهم بالباطل يوم القيامة، وقت أن توضع الأغلال والقيود في أعناقهم، ثم يسحبون ويجرون إلى الحميم بعنف وإهانة، ثم يلقى بهم في النار التي تمتلئ بهم، ويكونون وقودا لها.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: وهل قوله: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ..
إلا مثل قولك: سوف أصوم أمس؟.