للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها في المدينة، ويكون هذا جمعا بين القولين.. «١» .

وقال بعض العلماء: قد استدل بعض علماء الأصول بهذه الآية الكريمة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لأنه- تعالى- صرح في هذه الآية الكريمة، بأنهم مشركون، وأنهم كافرون بالآخرة، وقد توعدهم- سبحانه- بالويل على كفرهم بالآخرة، وعدم إيتائهم الزكاة، سواء أقلنا إن الزكاة في الآية هي زكاة المال المعروفة، أو زكاة الأبدان عن طريق فعل الطاعات، واجتناب المعاصي.

ورجع بعضهم- أن المراد بالزكاة هنا زكاة الأبدان- لأن السورة مكية وزكاة المال المعروفة إنما فرضت في السنة الثانية من الهجرة.

وعلى أية حال فالآية تدل على خطاب الكفار بفروع الإسلام.

أعنى امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وما دلت عليه هذه الآية من أنهم مخاطبون بذلك، وأنهم يعذبون على الكفر والمعاصي، جاء موضحا في آيات أخر كقوله- تعالى-:

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ.. «٢» .

وخص- سبحانه- من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة. لأن أحب شيء إلى الإنسان ماله، وهو شقيق روحه، فإذا بذله للمحتاجين، فذلك أقوى دليل على استقامته، وصدق نيته.

وقوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ بيان لحسن عاقبة المؤمنين، بعد بيان سوء عاقبة الكافرين.

أى: إن الذين آمنوا إيمانا حقا وعملوا الأعمال الصالحات، لهم أجر عظيم غير مَمْنُونٍ أى غير مقطوع عنهم، من مننت الحبل إذا قطعته، أو غير منقوص عما وعدهم الله به، أو غير ممنون به عليهم، بل يعطون ما يعطون من خيرات جزاء أعمالهم الصالحة في الدنيا، فضلا من الله- تعالى- وكرما.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يوبخ هؤلاء المشركين على إصرارهم على


(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ١٥٣.
(٢) تفسير أضواء البيان ج ٧ ص ١١٤ للشيخ محمد أمين الشنقيطى.

<<  <  ج: ص:  >  >>