للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زادت مدتها لما فيها من الابتلاء بالمعاصي والمجاهدات والمعالجات.. «١» .

ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر قدرته في خلق السماء، فقال: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ...

ومعنى استوائه- سبحانه- إلى السماء، ارتفاعه إليها بلا كيف أو تشبيه أو تحديد، لأنه- سبحانه- منزه عن ذلك.

والدخان: ما ارتفع من لهب النار. والمراد به هنا: ما يرى من بخار الأرض أو بخار الماء ويصح أن يكون معنى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ: تعلقت إرادته- تعالى- بخلقها.

قال الآلوسى: قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أى: قصد إليها وتوجه، دون إرادة تأثير في غيرها، من قولهم: استوى إلى مكان كذا، إذا توجه إليه لا يلوى على غيره..

وقوله: وَهِيَ دُخانٌ أى أمر ظلماني، ولعله أريد بها مادتها التي منها تركبت. «٢» .

وقوله- تعالى-: فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ... بيان لما وجهه- سبحانه- إليهما من أوامر.

والمراد بإتيانهما: انقيادهما التام لأمره- تعالى-.

أى: فقال- سبحانه- للسماء وللأرض أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد، فأنت يا سماء، أبرزى ما خلقت فيك من شمس وقمر ونجوم.. وأنت يا أرض أخرجى ما خلقت فيك من نبات وأشجار وكنوز.

قال الفخر الرازي: والمقصود من هذا القول: إظهار كمال القدرة، أى: ائتيا شئتما أم أبيتما، كما يقول الجبار لمن تحت يده: لتفعلن هذا شئت أم لم تشأ، ولتفعلنه طوعا أو كرها، وانتصابهما على الحال، بمعنى طائعين أو مكرهين.. «٣» .

وقوله: قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ بيان لامتثالهما التام لأمره- تعالى-.

أى: قالتا: فعلنا ما أمرتنا به منقادين خاضعين مستجيبين لأمرك، فأنت خالقنا وأنت مالك أمرنا.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٣٢.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٤ ص ١٠٢.
(٣) تفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>