للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ.

الاستفهام في قوله- تعالى- الذي حكاه عنهم مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً للإنكار والنفي.

أى: لا أحد أقوى منا، فنحن في استطاعتنا أن ندفع كل عذاب ينزل بنا، وهذا هو الشعور الكاذب الذي يشعر به الطغاة الجاهلون في كل زمان ومكان.

وقد رد الله- تعالى- عليهم وعلى أمثالهم ردا منطقيا حكيما يخرس ألسنتهم فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً، وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ.

أى: أعموا وصموا عن الحق، ولم يعلموا أن الله- تعالى- الذي أوجدهم من العدم، هو- سبحانه- أشد منهم قوة وبأسا.

إنهم لغرورهم وجهالاتهم نسوا كل ذلك، وكانوا بآياتنا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا يجحدون، ويعاندون وينكرون الحق الذي جاءتهم به رسلهم.

ثم حكى- سبحانه- ما نزل بهم من عذاب بسبب إصرارهم على كفرهم، وبسبب غرورهم وبطرهم فقال: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ، لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا....

ولفظ «صرصرا» من الصر- بفتح الصاد- وهو شدة الحر، أو من الصر- بكسر الصاد- وهو شدة البرد الذي يقبض البدن، أو من الصرة التي هي الصيحة المزعجة، ومنه قوله- تعالى- فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ... أى: في صيحة.

ولا مانع من أن تكون هذه الريح التي أرسلها الله- تعالى- عليهم، قد اجتمع فيها الصوت الشديد المزعج، والبرد الشديد القاتل.

وقوله: نَحِساتٍ جمع نحسة- بفتح النون وكسر الحاء- صفة مشبهة من نحس- كفرح وكرم- ضد سعد.

أى: فأرسلنا على قوم عاد ريحا شديدة الهبوب والصوت، وشديدة البرودة أو الحرارة في أيام نحسات أو مشئومات نكدات عليهم بسبب إصرارهم على كفرهم وفعلنا ذلك معهم لنذيقهم العذاب المخزى لهم في الحياة الدنيا.

وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى أى: أشد خزيا وإهانة لهم من عذاب الدنيا.

وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ أى: وهم لا يجدون أحدا يدفع عنهم هذا العذاب بحال من الأحوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>