ثم يضيف إلى ذلك قوله: وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أى: وما أعتقد أن هناك بعثا أو حسابا أو جزاء.
وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي على سبيل الفرض والتقدير إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى أى:
إن لي عنده ما هو أحسن وأفضل مما أنا فيه من نعم في الدنيا.
وقوله- تعالى- فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ بيان للعاقبة السيئة التي يكون عليها هذا الإنسان الجاحد.
أى: فلنعلمن هؤلاء الكافرين بأعمالهم السيئة، ولنرينهم عكس ما اعتقدوه بأن ننزل بهم الذل والهوان بدل الكرامة والحسنى التي أيقنوا أنهم سيحصلون عليها، ولنذيقنهم عذابا غليظا، لا يمكنهم الفكاك منه أو التفصى عنه لشدته وإحاطته بهم من كل جانب، فهو كالوثاق الغليظ الذي لا يمكن للإنسان أن يخرج منه.
ثم أكد- سبحانه- ما ذكره من حالات الإنسان فقال: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ بنعمة من نعمنا التي توجب عليه شكرنا وطاعتنا.
أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ أى: أعرض عن شكرنا وطاعتنا، وتكبر وتفاخر على غيره وادعى أن هذه النعمة من كسبه واجتهاده.
وقوله وَنَأى بِجانِبِهِ كناية عن الانحراف والتكبر والصلف والبطر.
والنأى البعد. يقال: نأى فلان عن مكان كذا، إذا تباعد عنه.
وقوله- تعالى-: وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ بيان لحالة هذا الإنسان في حالة الشدة والضر.
أى: هكذا حالة هذا الإنسان الجاحد، في حالة إعطائنا النعمة له يتكبر ويغتر ويجحد.
وفي حالة إنزال الشدائد به يتضرع ويتذلل إلينا بالدعاء الكثير الواسع.
وفي معنى هذه الآيات الكريمة، جاءت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى.
وقوله- تعالى-: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً.
ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يوبخ هؤلاء الكافرين على جحودهم وجهالاتهم فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ....