أى: هم باقون بقاء دائما في تلك الجنات، بحيث لا يموتون فيها أبدا، إلا الموتة الأولى التي ذاقوها عند نهاية آجالهم في الدنيا، ووقاهم- سبحانه- بعدها عذاب الجحيم، الذي حل بالكافرين.
قال الآلوسى: وقوله: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى جملة مستأنفة أو حالية، وكأنه أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع الموتة الأولى موضع ذلك، لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها. ونظيره قول القائل لمن يستسقيه:
لا أسقيك إلا الجمر، وقد علم أن الجمر لا يسقى «١» .
وقوله فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ أى: أعطوا كل ذلك فضلا من ربك، فقوله فَضْلًا منصوب على المصدرية بفعل محذوف. أو على أنه مفعول لأجله. أى: لأجل الفضل منه- سبحانه-.
ذلِكَ الذي أعطيناهم إياه هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا يدانيه ولا يساميه فضل.
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ أى: فإنما أنزلنا عليك- يا محمد- هذا القرآن، وجعلناه بلغتك ولغة قومك لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ما فيه من هدايات ويعتبرون بما اشتمل عليه من عبر وعظات.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ.
أى: فعلنا ذلك لعلهم يتذكرون، فإن لم يتذكروا ويتعظوا ويؤمنوا بما جئتهم به. فارتقب وانتظر ما يحل بهم من عذاب، وما وعدناك به من النصر عليهم، إنهم- أيضا- منتظرون ومرتقبون ما يحل بك من موت أو غيره.
ونحن بفضلنا ورحمتنا سنحقق لك ما وعدناك به، وسنخيب ظنونهم وآمالهم.
وبعد فهذا تفسير وسيط لسورة «الدخان» . نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.