للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: أُولئِكَ.. اسم الإشارة هذا يعود إلى العاقين المكذبين بالبعث والجزاء المذكورين في قوله- تعالى- قبل ذلك: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ...

أى: أولئك القائلون ذلك، هم الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أى: وجب عليهم العذاب الذي حكم به- سبحانه- على أمثالهم في قوله- تعالى- لإبليس لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ كما يفيده قوله- سبحانه- بعد ذلك. فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. أى: أولئك الذين وجب عليهم العذاب، حالة كونهم مندرجين في أمم قد مضت من قبلهم من طائفة الجن ومن طائفة الإنس إِنَّهُمْ جميعا كانُوا خاسِرِينَ لأنهم استحبوا الكفر على الإيمان.

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر عدالته في حكمه بين عباده فقال: وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا. وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

والتنوين في قوله وَلِكُلٍّ عوض عن المضاف إليه المحذوف، والجار والجرور في قوله مِمَّا عَمِلُوا صفة لقوله دَرَجاتٌ، ومن بيانية، وما موصولة.

وقوله: وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ علة لمحذوف.. والمعنى: ولكل فريق من الفريقين: فريق المؤمنين المعبر عنهم بقوله: - تعالى-: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا ...

وفريق الكافرين المعبر عنهم بقوله- تعالى-: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ...

لكل فريق من هؤلاء وهؤلاء دَرَجاتٌ حاصلة من الذي عملوه من الخير والشر، وقد فعل- سبحانه- ذلك معهم، ليوفيهم جزاء أعمالهم.

وَهُمْ جميعا لا يُظْلَمُونَ شيئا، بل كل فريق منهم يجازى على حسب عمله. كما قال- تعالى-: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.

ثم بين- سبحانه- ما سيكون عليه الكافرون يوم القيامة من حال سيئة فقال: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ، أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ...

والظرف متعلق بمحذوف تقديره: اذكر. وقوله يُعْرَضُ من العرض بمعنى الوقوف على الشيء، وتلقى ما يترتب على هذا الوقوف على هذا الشيء من خير أو شر.

والمراد بالعرض على النار هنا: مباشرة عذابها، وإلقائهم فيها، ويشهد لهذا قوله- تعالى- بعد ذلك وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ، أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ، قالُوا: بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>