للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: الضمير المستتر لله- تعالى-. أى: أوحى جبريل إلى عبد الله، ما أوحاه الله إلى جبريل.

والأول مروى عن الحسن، وهو الأحسن.

وقيل: ضمير أوحى الأول والثاني لله- تعالى- والمراد بالعبد جبريل- عليه السلام- وهو كما ترى ... «١» .

وأبهم- سبحانه- ما أوحاه، لتفخيم شأنه، وإعلاء قدره، حتى لكأنه لا تحيط به عبارة، ولا يحده الوصف، وشبيه بهذا التعبير قوله- تعالى-: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.. «٢» .

وعبر- سبحانه- عن رسوله صلى الله عليه وسلم بعبده، وأضافه إليه، للتشريف والتكريم، ولبيان أنه عبد من عباده- تعالى- الذين اصطفاهم لحمل رسالته، وتبليغ ما أوحاه إليه.

وقوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى رد على المشركين، وتكذيب لهم، فيما زعموه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتلق الوحى عن جبريل، ولم يشاهده.

واللام في قوله الْفُؤادُ عوض عن المضاف إليه، والفؤاد: العقل أو القلب، ومنه قوله- تعالى-: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ.. «٣» .

وقراءة الجمهور كَذَبَ بفتح الذال مع التخفيف، وقرأ ابن عامر بفتحها مع التشديد، و «ما» موصولة، والعائد محذوف.

أى: ما كذب فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وما أنكر، الذي رآه ببصره من صورة جبريل- عليه السلام- لأنه لم يكن يجهله، بل كان معروفا لديه، وصاحب الوحى إليه، فهو صلى الله عليه وسلم عرفه بقلبه، وتأكدت هذه المعرفة برؤيته له بعينيه.

فالكذب هنا: بمعنى الإنكار والتردد والشك في صحة ما يراه.

قال صاحب الكشاف قوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أى: ما كذب فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من صورة جبريل- عليه السلام-.

أى: ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك، ولو قال ذلك- على سبيل الفرض- لكان كاذبا لأنه عرفه، يعنى أنه رآه بعينه، وعرفه بقلبه، ولم يشك في أن ما رآه حق.


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ٤٩.
(٢) سورة طه الآية ٧٨.
(٣) سورة القصص الآية ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>