للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضمير في «بينهم» يعود عليهم وعلى الناقة، وجيء بضمير العقلاء على سبيل التغليب.

وقوله: مُحْتَضَرٌ اسم مفعول من الحضور الذي هو ضد الغيبة، وحذف المتعلق لظهوره.

أى: محتضر عنده صاحبه.

والشّرب: النصيب والمرة من الشّرب.

أى: وقلنا لنبينا صالح على سبيل الإرشاد والتعليم، بعد أن طلب منه قومه معجزة تدل على صدقه. قلنا له. أخبرهم أننا سنرسل الناقة، وسنخرجها لهم أمام أعينهم، لتكون دليلا على صدقك، ولتكون امتحانا واختبارا لهم، حتى يظهر لك وللناس أيؤمنون أم يصرون على كفرهم.

فَارْتَقِبْهُمْ- أيها الرسول الكريم-، وانتظر ماذا سيصنعون بعد ذلك وَاصْطَبِرْ على أذاهم صبرا جميلا، حتى يحكم الله بينك وبينهم.

وَنَبِّئْهُمْ أى. وأخبرهم خبرا هاما، هذا الخبر هو أَنَّ الْماءَ الذي يستقون منه قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ وبين الناقة، أى: مقسوم بينهم وبينها، فهم لا يشاركونها في يوم شربها، وهي لا تشاركهم في يوم شربهم.

كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ أى: كل نصيب من الماء يحضره من هوله، فالناقة تحضر إلى الماء في يومها، وهم يحضرون إليه في يوم آخر.

ففي هاتين الآيتين تعليم حكيم من الله- تعالى- لنبيه صالح، وإرشاد له إلى ما يجب أن يسلكه معهم، بيقظة واعية يدل عليها قوله- تعالى-: فَارْتَقِبْهُمْ وبصبر جميل لا يأس معه ولا ضجر، كما يشير إليه قوله- تعالى-: وَاصْطَبِرْ.

وسياق القصة ينبئ عن كلام محذوف، يعلم من سياقها، والتقدير: أرسلنا الناقة، وقلنا له أخبرهم، أن الماء مقسوم بينهم وبين الناقة واستمروا على ذلك فترة من الزمان، ولكنهم ملوا هذه القسمة، ولم يرتضوها، وأجمعوا على قتل الناقة..

فَنادَوْا صاحِبَهُمْ وهو «قدار بن سالف» وهو المعبر عنه بقوله- تعالى- في آية أخرى: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها.

وعبر عنه- سبحانه- بصاحبهم، لأنه كان معروفا، وزعيما من زعمائهم..

والمقصود بندائهم إياه: إغراؤه بعقر الناقة وقتلها، مخالفين بذلك وصية نبيهم لهم بقوله وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ.

وقوله- تعالى-: فَتَعاطى فَعَقَرَ مفرع على ما قبله، وقوله: فَتَعاطى مطاوع

<<  <  ج: ص:  >  >>