وقوله: وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ أى: ويطاف عليهم بفاكهة يتلذذون بأكلها، وهذه الفاكهة تأتيهم من كل نوع، على حسب ما يريدون ويشتهون.
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ مما يحبونه ويختارونه من هذه اللحوم الطيبة المحببة إلى النفوس، يطاف عليهم به- أيضا- وقوله: وَحُورٌ عِينٌ معطوف على قوله وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ أى: ويطوف عليهم- أيضا- نساء عيونهن شديدة البياض والسواد في سعة وجمال.
وهؤلاء الحور العين كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ أى: يشبهن اللؤلؤ المكنون الذي لم تلمسه الأيدى، في صفاء بياضهن، وفي شدة جمالهن.
وقوله- سبحانه-: جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بيان للأسباب التي أوصلتهم إلى هذا النعيم الكبير..
ولفظ جَزاءً منصوب على أنه مفعول لأجله لفعل محذوف، أى: أعطيناهم هذا العطاء الجزيل، جزاء مناسبا بسبب ما كانوا يعملونه في الدنيا من أعمال صالحة.
قوله- تعالى-: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً تتميم للنعم التي أنعم- سبحانه- عليهم بها في الجنة.
واللغو: الكلام الساقط الذي لا فائدة منه، ولا وزن له. يقال: لغا فلان يلغو. إذا قال كلاما يلام عليه.
والتأثيم: مصدر إثم، إذا نسب غيره إلى الإثم وفعل ما لا يليق.
أى: أن هؤلاء المقربين لا يسمعون في الجنة كلاما لا يعتد به، ولا يسمعون- أيضا- كلاما سيئا أو قبيحا، بأن ينسب بعضهم إلى بعض ما لا يليق به، وإنما الذي يسمعونه هو الكلام الطيب المشتمل على الأمان المتكرر، والتحية الدائمة.
ولفظ سَلاماً الأول، بدل من قوله قِيلًا أو نعت له.. أى: سالما من العيوب.
والتكرير لهذا اللفظ القصد منه التأكيد، والإشعار بكثرة تحيتهم بهذا اللفظ الدال على المحبة والوئام.
أى: لا يسمعون في الجنة إلا سلاما إثر سلام، وتحية في أعقاب تحية، ومودة تتلوها مودة.
والاستثناء منقطع، لأن السلام لا يندرج تحت اللغو، وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم، وقِيلًا بمعنى: قولا، وهو منصوب على الاستثناء..