للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أو هي لام القسم- بعينها- أشبعت فتحتها فتولدت منها ألف أى: فلأقسم..

وقيل إن لا هنا للنفي والرد على ما يقوله الكفار في القرآن من أنه سحر. كأنه قيل: فلا صحة لما يقولون فيه، ثم استؤنف فقيل أقسم..

وقال بعضهم إن «لا» كثيرا ما يؤتى بها قبل القسم على نحو الاستفتاح، كما في قولهم لا وأبيك..

وقال أبو مسلم وجمع: إن الكلام على ظاهره المتبادر منه. والمعنى: لا أقسم إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم. أى: لا يحتاج إلى قسم أصلا، فضلا عن هذا القسم العظيم.. «١» .

والمواقع: جمع موقع، وموقع الشيء ما يوجد فيه، وما يسقط من مكان مرتفع.

فالمراد بمواقع النجوم: مساقطها التي تسقط فيها عند غروبها.. وقيل: مواضعها من بروجها في السماء، ومنازلها منها.. وقيل: المراد مواقعها يوم القيامة عدما تنتشر وتتفرق..

وأقسم- سبحانه- بذلك، للتنوية بشأنها، ولما فيها من الدلالة على أن لهذا الكون خالقا قادرا حكيما، يسير كواكبه بدقة ونظام بديع، لا اختلال معه ولا اضطراب.. إذ كل نجم من هذه النجوم المتناثرة في الفضاء، له مجاله الذي يغيب فيه، وله مكانه الذي لا يصطدم فيه بغيره.

قال بعض العلماء: إن هذه النجوم والكواكب، التي تزيد على عدة بلايين نجم، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة، وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة، وما يمكن أن تحس به الأجهزة، دون أن تراه كلها تسبح في الفلك الغامض، ولا يوجد أى احتمال أن يقترب مجال مغناطيسى لنجم، من مجال نجم آخر، أو يصطدم بكوكب آخر.. «٢» .

ومن العلماء من يرى أن المراد بمواقع النجوم أوقات نزول القرآن نجما نجما، وطائفة من الآيات تلى طائفة أخرى..

قال ابن كثير: واختلفوا في معنى قوله «بمواقع النجوم» فعن ابن عباس أنه يعنى نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر، من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا بعد ذلك..

وعن قتادة: «مواقع النجوم» منازلها.. وقال مجاهد: مطالعها ومشارقها.. وعن الحسن:

انتشارها يوم القيامة.. «٣» .


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ١٥٢.
(٢) من كتاب «الله والعلم الحديث» ص ٣٣ للأستاذ عبد الرازق نوفل.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>