والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ للتقرير، و «يأن» فعل مضارع، يقال:
أنى الشيء- كرمى- أنيا وأناء- بالفتح- وإنى- بالكسر- إذا حان أناه، أى: وقته، فهو فعل معتل حذفت منه الياء لسبقه بلم الجازمة، ومنه قوله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ أى غير ناظرين حلول وقته.
والخطاب في الآية يحتمل أن يكون من باب العتاب لطائفة من المؤمنين، أصابهم بعض الفتور أو التكاسل، فيما أمروا به من الاجتهاد في طاعة الله- تعالى- بعد أن فتح الله- تعالى- لهم أقطار الأرض ورزقهم بالكثير من لين العيش، وخيرات الدنيا.
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن المبارك، وعبد الرازق، وابن المنذر عن الأعمش قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا. بعد أن كان لهم من الجهد- وشظف العيش فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه، فعوتبوا على ذلك فنزلت هذه الآية.
ويحتمل أن يكون الخطاب في الآية لجميع المؤمنين، على سبيل الحض على المداومة على طاعة الله- تعالى-، والتحذير من التقصير.
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ.
استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا إليه، والمعاتب- على ما قاله الزجاج- طائفة منهم، وإلا فإن من المؤمنين من لم يزل خاشعا منذ أن أسلم إلى أن لقى ربه «١» .