للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض العلماء: والجدير بالذكر هنا: أن دعاة المذاهب الاقتصادية الفاسدة، يحتجون بهذه الآية على مذهبهم الفاسد، ويقولون: ويجوز للدولة أن تستولى على مصادر الإنتاج ورءوس الأموال، لتعطيها أو تشرك فيها الفقراء، وما يسمونهم طبقة العمال، وهذا على ما فيه من كساد اقتصادى، وفساد اجتماعي، قد ثبت خطؤه وظهر بطلانه مجانبا لحقيقة الاستدلال.

لأن هذا المال ترك لمرافق المسلمين العامة، من الإنفاق على المجاهدين، وتأمين الغزاة في الحدود والثغور، وليس يعطى للأفراد كما يقولون، ثم- هو أساسا- مال جاء غنيمة للمسلمين، وليس نتيجة كدح الفرد وكسبه الحلال.

ولما كان مال الغنيمة ليس ملكا لشخص، ولا هو- أيضا- كسب لشخص معين، تحقق فيه العموم في مصدره، وهو الغنيمة، والعموم في مصرفه وهو عموم مصالح الأمة، ولا دخل ولا وجود للفرد فيه، فشتان بين هذا الأصل في التشريع، وهذا الفرع في التضليل.. «١» .

ثم أمر- سبحانه- المسلمين أن يمتثلوا أمر رسولهم صلى الله عليه وسلم امتثالا تاما، فقال:

وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

وقوله: آتاكُمُ من الإتيان، والمقصود به هنا ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من هدايات وتشريعات، وآداب. ويدخل في ذلك دخولا أوليا قسمته لفيء بنى النضير بين المهاجرين، دون الأنصار.

أى: ما أمركم الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله- أيها المؤمنون- فافعلوه، وما نهاكم عن فعله فاجتنبوه، واتقوا الله في كل أحوالكم، فإنه- سبحانه- شديد العقاب لمن خالف أمره.

ومنهم من جعل آتاكُمُ هنا بمعنى أعطاكم من الفيء، وجعل نَهاكُمْ بمعنى نهاكم عن الأخذ منه، وكأن صاحب هذا الرأى يستعين على ما ذهب إليه بفحوى المقام.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ من قسمة غنيمة أو فيء فخذوه وما نهاكم عنه، أى: عن أخذه منه فَانْتَهُوا عنه.

والأجود أن يكون- الأمر والنهى- عاما في كل ما آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، وأمر الفيء داخل في عمومه.. «٢» .


(١) راجع تفسير أضواء البيان ج ٨ ص ٥٤ للشيخ الشنقيطى- رحمه الله-.
(٢) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>