للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- أن هذه الآيات أصل في النهى عن موالاة الأعداء ومصافاتهم بأية صورة من الصور، وشبيه بها قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً «١» .

وقوله- سبحانه-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا. وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ «٢» .

٢- أن هذه الآيات الكريمة تتجلى فيها رحمة الله- تعالى- بعباده المؤمنين، حيث ناداهم بهذه الصفة مع وقوع بعضهم في الخطأ الجسيم، وهو إفشاء أسرار المؤمنين لأعدائهم قالوا: وفي هذا رد على المعتزلة الذين يقولون: إن المعصية تنافى الإيمان.

٣- أن هذه الآيات الكريمة فيها ما فيها من الأساليب الحكيمة في الدعوة إلى الفضائل واجتناب الرذائل، لأن الله- تعالى- عند ما نهى المؤمنين عن موالاة أعدائه وأعدائهم، ساق لهم الأسباب التي تحملهم على قطع كل صلة بهؤلاء الأعداء. بأن ذكر لهم أن هؤلاء الأعداء قد كفروا بالحق، وحرصوا على إخراج الرسول والمؤمنين من ديارهم، وأنهم إن يتمكنوا من المؤمنين، فسينزلون بهم أشد ألوان الأذى.

وهكذا يجب أن يتعلم الدعاة إلى الله- تعالى- أن على رأس الوسائل التي توصلهم إلى النجاح في دعوتهم، أن يأتوا في دعوتهم بالأسباب المقنعة لاعتناق الحق، واجتناب الباطل.

٤- أن هذه الآيات الكريمة صريحة في أن ما يتعلق بالدين والعقيدة، يجب أن يقدم على ما يتعلق بالأرحام والأولاد، لأن الأرحام والأولاد لن تنفع يوم القيامة، وإنما الذي ينفع هو ما يتعلق بالاستجابة لما يفرضه الدين علينا من واجبات وتكاليف.

وبعد هذا النهى للمؤمنين عن موالاة أعداء الله وأعدائهم.. ساقت لهم السورة الكريمة، جانبا من قصة إبراهيم- عليه السلام- الذي تبرأ من كل صلة تربطه بغيره سوى صلة الإيمان، وإخلاص العبادة لله- تعالى-، وأمرتهم بأن يقتدوا به في ذلك لينالوا رضا الله- عز وجل- فقال- تعالى-:


(١) سورة النساء الآية ١٤٤.
(٢) سورة آل عمران الآية ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>