للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابوه بقولهم: نحن أنصار دين الله- تعالى- ونحن الذين على استعداد أن نبذل نفوسنا وأموالنا في سبيل تبليغ دعوته- عز وجل- ومن أجل إعلاء كلمته.

وقوله- تعالى-: فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ مفرع على ما قبله، لبيان موقف قومه منه.

أى: قال الحواريون لعيسى عند ما دعاهم إلى اتباع الحق: نحن أنصار دين الله، ونحن الذين سنثبت على العهد.. أما بقية بنى إسرائيل فقد افترقوا إلى فرقتين: فرقة آمنت بعيسى وبما جاء به من عند الله- تعالى-، وفرقة أخرى كفرت به وبرسالته.

وقوله: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ بيان للنتائج التي تحققت لكل طائفة من الطائفتين: المؤمنين والكافرين.

وقوله: ظاهِرِينَ من الظهور بمعنى الغلبة، يقال: ظهر فلان على فلان، إذا تغلب عليه وقهره.

أى: كان من قوم عيسى من آمن به، ومنهم من كفر به، فأيدنا وقوينا ونصرنا الذين آمنوا به، على الذين كفروا به، فصار المؤمنون ظاهرين ومنتصرين على أعدائهم بفضله- تعالى- ومشيئته.

والمقصود من هذا الخبر حض المؤمنين في كل زمان ومكان، على الإيمان والعمل الصالح، لأن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أن يجعل العاقبة لهم، كما جعلها لأتباع عيسى المؤمنين، على أعدائهم الكافرين.

قال بعض العلماء: وتأويل هذا النص يمكن أن ينصرف إلى أحد معنيين: إما أن الذين آمنوا برسالة عيسى- عليه السلام-، هم المسيحيون إطلاقا، من استقام، ومن دخلت في عقيدته الانحرافات، وقد أيدهم الله- تعالى- على اليهود الذين لم يؤمنوا به أصلا، كما حدث في التاريخ.

وإما أن الذين آمنوا: هم الذين أصروا على التوحيد في وجه المؤلهين لعيسى، والمثلثين وسائر النحل التي انحرفت عن التوحيد.

ومعنى: أنهم أصبحوا ظاهرين، أى: بالحجة والبرهان، أو أن التوحيد الذي هم عليه، هو الذي أظهره الله بهذا الدين الأخير- أى: دين الإسلام- وجعل له الجولة الأخيرة في الأرض. كما وقع في التاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>