صحفا مفتوحة، وكتبا غير مطوية، بحيث يقرؤها كل من يراها. وفيها الأمر من الله- تعالى- لهم بوجوب اتباعهم للرسول صلى الله عليه وسلم.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ...
وقوله- سبحانه- كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ إبطال آخر لكلامهم، وزجر لهم عن هذا الجدال السخيف. أى: كلا ليس الأمر كما أرادوا وزعموا بل الحق أن هؤلاء القوم لا يخافون الآخرة، وما فيها من حساب وجزاء، لأنهم لو كانوا يخافون لما اقترحوا تلك المقترحات السخيفة المتعنتة..
وقوله- تعالى- بعد ذلك: كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ زجر آخر مؤكد للزجر السابق. أى:
كلا ثم كلا، لن نمكنهم مما يريدون، ولن نستجيب لمقترحاتهم السخيفة.. لأن القرآن الكريم فيه التذكير الكافي، والوعظ الشافي، لمن هو على استعداد للاستجابة لذلك.
فالضمير في إِنَّهُ يعود إلى القرآن، لأنه معلوم من المقام، والجملة بمنزلة التعليل للردع عن سؤالهم الذي اقترحوا فيه تنزيل صحف مفتوحة من عند الله- تعالى- تأمرهم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم..
وقوله- سبحانه-: فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ تفريع عن كون القرآن تذكرة وعظة لمن كان له قلب يفقه، أو عقل يعقل.
أى: إن القرآن الكريم مشتمل على ما يذكر الإنسان بالحق، وما يهديه إلى الخير والرشد، فمن شاء أن يتعظ به اتعظ، ومن شاء أن ينتفع بهداياته انتفع، ومن شاء أن يذكر أوامره ونواهيه وتكاليفه.. فعل ذلك، وظفر بما يسعده، ويشرح صدره.
والتعبير بقوله- تعالى- فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ يشعر بأن تذكر القرآن وحفظه. والعمل بأحكامه وإرشاداته.. في إمكان كل من كان عنده الاستعداد لذلك.
أى: إن التذكر طوع مشيئتكم- أيها الناس- متى كنتم جادين وصادقين ومستعدين لهذا التذكر، فاعملوا لذلك بدون إبطاء أو تردد..
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بما يدل على نفاذ مشيئته وإرادته فقال:
وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ.
أى: فمن شاء أن يذكر القرآن وما فيه من مواعظ ذكر ذلك، ولكن هذا التذكر والاعتبار والاتعاظ. لا يتم بمجرد مشيئتكم، وإنما يتم في حال مشيئة الله- تعالى- وإرادته، فهو