على أعماله التي عملها في الدنيا؟ إن كان يحسب ذلك فهو في وهم وضلال، لأن حكمتنا قد اقتضت أن نكرم المتقين، وأن تعاقب المكذبين.
والاستفهام في قوله: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى.. للتقرير، والنطفة: القليل من الماء ويُمْنى يراق هذا المنى في رحم المرأة.
أى: كيف يحسب هذا الإنسان أنه سيترك سدى؟ ألم يك في الأصل قطرة ماء تصب من الرجل في رحم المرأة وتراق فيه؟ بل إنه كان كذلك.
ثم كانَ بعد ذلك عَلَقَةً أى: قطعة دم متجمد فَخَلَقَ فَسَوَّى أى: فخلقه الله- تعالى- خلقا آخر بقدرته، وسواه في أحسن تقويم، كما قال: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ...
وجملة أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بمثابة النتيجة بعد المقدمات والأدلة.
أى: أليس ذلك الرب العظيم الشأن والقدرة، الذي أحسن كل شيء خلقه: والذي خلق الإنسان في تلك الأطوار المتعددة ... أليس ذلك الإله صاحب الخلق والأمر.
بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وعلى أن يعيدهم إلى الحياة مرة أخرى، ليجازى الذين أساءوا بما عملوا، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى؟ بلى إنه لقادر على ذلك قدرة تامة.
وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث منها: أن رجلا كان إذا قرأ هذه الآية قال: سبحانك اللهم وبلى. فسئل عن ذلك فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك «١» .