أى: ويقولون لهم- أيضا- عند تقديم الطعام لهم: إنا نخاف من ربنا يوما، تعبس فيه الوجوه، من شدة هوله، وعظم أمره، وطول بلائه.
أى: أنهم لم يقدموا الطعام- مع حبهم له- رياء ومفاخرة، وإنما قدموه ابتغاء وجه الله، وخوفا من عذابه.
والفاء في قوله: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ.. للتفريع على ما تقدم ولبيان ما ترتب على إخلاصهم وسخائهم من ثواب. أى: فترتب على وفائهم بالنذور، وعلى خوفهم من عذاب الله- تعالى- وعلى سخائهم وإخلاصهم، ترتب على كل ذلك أن دفع الله- تعالى- عنهم شر ذلك اليوم، وهو يوم القيامة.
وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً أى: وجعلهم يلقون فيها حسنا وبهجة في الوجوه، وسرورا وانشراحا في الصدور، بدل العبوس والكلوح الذي حل بوجوه الكفار.
وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا أى: بسبب صبرهم جَنَّةً عظيمة.. وحَرِيراً جميلا يلبسونه. مُتَّكِئِينَ فِيها أى: في الجنة عَلَى الْأَرائِكِ أى: على السرر، أو على ما يتكأ عليه من سرير أو فراش ونحوه.
لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً أى: لا يرون فيها شمسا شديدة الحرارة بحيث تؤذيهم أو تضرهم، ولا يرون فيها كذلك زَمْهَرِيراً أى: بردا مفرطا، يقال: زمهر اليوم، إذا اشتد برده.
والمقصود من الآية الكريمة أنهم لا يرون في الجنة إلا جوا معتدلا، لا هو بالحار ولا هو بالبارد.
وقوله- سبحانه- وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها.. معطوف على قوله قبل ذلك:
مُتَّكِئِينَ.
و «ظلالها» فاعل «دانية» والضمير في «ظلالها» يعود إلى الجنة.
أى: أن الأبرار جالسون في الجنة جلسة الناعم البال، المنشرح الصدر. وظلال أشجار الجنة قريبة منهم، ومحيطة بهم، زيادة في إكرامهم.
وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا أى: أنهم- فضلا عن ذلك- قد سخرت لهم ثمار الجنة تسخيرا، وسهل الله- تعالى- لهم تناولها تسهيلا عظيما، بحيث إن القاعد منهم والقائم