للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَتَكَلَّمُونَ أى: لا يستطيع جبريل ولا الملائكة ولا غيرهم الكلام إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ منهم بالكلام أو بالشفاعة.

وَقالَ صَواباً أى: وقال المأذون له في الكلام قولا صوابا يرضى الخالق- عز وجل-.

وكون المراد بالروح: جبريل- عليه السلام- هو الرأى الراجح، لأن القرآن الكريم قد وصفه بذلك في آيات منها قوله- تعالى-: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ «١» .

وهناك أقوال أخرى في المراد به، منها: أنه ملك من الملائكة، ومنها: أرواح بنى آدم.

وجملة «لا يتكلمون» مؤكدة لجملة «لا يملكون منه خطابا» والضمير لجميع الخلائق.

وقد أفادت الآية الكريمة أن الذين يتكلمون في هذا اليوم الهائل الشديد، هم الذين يأذن الله- تعالى- لهم بالكلام، وهم الذين يقولون قولا صوابا يرضى الله- تعالى- عنه.

وجملة: «وقال صوابا» يجوز أن تكون في موضع الحال من الاسم الموصول «من» .

أى: لا يستطيع أحد منهم الكلام إلا الشخص الذي قد أذن الله- تعالى- له في الكلام، والحال أن هذا المأذون له قد قال صوابا.

ويصح أن تكون معطوفة على جملة «أذن له الرحمن» . أى: لا يستطيعون الكلام إلا الذين أذن لهم الرحمن في الكلام، وإلا الذين قالوا قولا صوابا يرضى الله، فإنهم يتكلمون.

والمقصود من الآية الكريمة، بيان أن الخلائق جميعا يكونون في هذا اليوم، في قبضة الرحمن وتحت تصرفه، وأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إلا بإذنه- تعالى-.

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ يعود إلى يوم البعث الذي يقوم الناس فيه لله رب العالمين. أى: ذلك اليوم الذي يقوم فيه الخلائق للحساب والجزاء، هو اليوم الحق الذي لا شك في حدوثه. ولا ريب في ثبوته.

والفاء في قوله- تعالى-: فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً هي الفصيحة، ومفعول المشيئة محذوف. أى: لقد بينا لكم ما يهديكم، وإذا كان الأمر كذلك، فمن شاء منكم أن يتخذ إلى ربه مرجعا حسنا وطريقا إلى رضاه، فليتخذه الآن، من قبل أن يأتى هذا اليوم الذي لا بيع فيه ولا خلال.


(١) سورة الشعراء الآيتان ١٩٣، ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>