للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبتغيه ويطلبه كل إنسان لنفسه خاصة. يقال: نفس فلان على فلان بهذا الشيء- كفرح- إذا بخل به عليه. أى: ومن أجل الحصول على ذلك الرحيق المختوم، والنعيم المقيم..

فليرغب الراغبون، وليتسابق المتسابقون، وليتنافس المتنافسون في وجوه الخير. عن طريق المسارعة في تقديم الأعمال التي ترضى الله- تعالى-.

فالمقصود من الآية الكريمة: تحريض الناس وحضهم على تقديم العمل الصالح، الذي يوصلهم يوم القيامة إلى أعلى الدرجات.

وقوله- سبحانه-: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ. عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صفة ثالثة من صفات هذا الرحيق.

والمزاج: ما يمزج به الشيء، ويطلق على الممزوج بالشيء- كما هنا- فهو من إطلاق المصدر على المفعول.

والتسنيم: علم لعين في الجنة مسماة بهذا الاسم، وهذا اللفظ مصدر سنمه إذا رفعه. يقال:

سنم فلان الطعام. إذا جعله كهيئة السنام في ارتفاعه.

قالوا: وسميت هذه العين بهذا الاسم، لأنها تنبع من مكان مرتفع، أو لعلو مكانتها.

وقوله: عَيْناً منصوب على المدح.

أى: ومزاج هذا الرحيق وخليطه كائن من ماء لعين في الجنة، مرتفعة المكان والمكانة، هذه العين يشرب منها المقربون إلى الله- تعالى- شرابهم.

قال الآلوسى: والباء في قوله بِهَا إما زائدة. أى يشربها. أو بمعنى من. أى:

يشرب منها، أو على تضمين يشرب معنى يروى. أى: يشرب راوين بها. أى يروى بها المقربون.. «١» .

وإلى هنا نجد أن هذه الآيات الكريمة قد بشرت الأبرار ببشارات متعددة، بشرتهم بأن صحائف أعمالهم في أعلى عليين، وبأنهم في تعميم مقيم، وبأنهم ينظرون إلى كل ما يشرح صدورهم، وبأن الناظر إليهم يرى آثار النعمة والرفاهية على وجوههم، وبأن شرابهم من خمر طيبة لذيذة الطعم والرائحة.

ثم حكى- سبحانه- جانبا من الرذائل التي كان يفعلها المشركون مع المؤمنين، وبشر المؤمنين بأن العاقبة الطيبة ستكون لهم.. فقال- تعالى-:


(١) تفسير الآلوسى ج ٣٠ ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>