للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالية، مرتفعة المكان والمكانة. فقد وصفت الجنة بالعلو، للمبالغة في حسنها وفي علو منزلتها، فقد جرت العادة أن تكون أحسن الجنات، ما كانت مرتفعة على غيرها.

ثم وصف- سبحانه- هذه الجنة بجملة من الصفات الكريمة فقال: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً. أى: لا تسمع في هذه الجنة كلمة ذات لغو. واللغو: هو الكلام الساقط الذي لا فائدة فيه. أى: أنك- أيها المخاطب- لا تسمع في الجنة إلا الكلام الذي تسر له نفسك، وتقرّ به عينك، فلفظ اللاغية هنا: مصدر بمعنى اللغو، مثل الكاذبة للكذب، وهو صفة لموصوف محذوف.

فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ أى: في هذه الجنة عيون تجرى بالماء العذب الزلال المتدفق.

قال صاحب الكشاف: قوله: فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ يريد عيونا في غاية الكثرة، كقوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ.

فالمراد بالعين هنا: جنس العيون، وبالجارية: التي لا ينقطع ماؤها.. فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ أى: في الجنة أماكن يجلس عليها أهلها جلوسا مرتفعا عن الأرض.

وينامون فوقها نوما هادئا لذيذا.. والسرر: جمع سرير، وهو الشيء ذو القوائم المرتفعة الذي يتخذ للجلوس والاضطجاع.

ووصف- سبحانه- هذه السرر بالارتفاع، لزيادة تصوير حسنها.

وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ والأكواب جمع كوب. وهو عبارة عن الإناء الذي تشرب فيه الخمر. أى: وفي الجنة أكواب كثيرة قد وضعت بين أيدى أهلها، بحيث يشربون من الخمر التي وضعت فيها، دون أن يجدوا أى عناء في الحصول عليها.

وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ والنمارق: جمع نمرقة- بضم النون وسكون الميم وضم الراء-، وهي الوسادة الصغيرة التي يتكئ عليها الجالس والمضجع. أى: وفي الجنة وسائد كثيرة، قد صف بعضها إلى جانب بعض صفا جميلا، بحيث يجدها الجالس قريبة منه في كل وقت.

وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ والزرابي جمع زربية- بتثليث الزاى- وهي البساط الواسع الفاخر، أو ما يشبهه من الأشياء الثمينة التي تتخذ للجلوس عليها. والمبثوثة: أى: المنتشرة على الأرض، من البث بمعنى النشر، كما في قوله- تعالى-: وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ.

أى: وفيها بسط فاخرة جميلة.. مبسوطة في كل مكان، ومتفرقة في كل مجلس.

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف الجنة التي أعدها- سبحانه- لعباده المتقين، بعدد من الصفات الكريمة المتنوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>