للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجمع المال، ولكسبه من مختلف الوجوه بدون تفرقة- في كثير من الأحيان- بين الحلال والحرام، ولكنزه والتكثر منه، وبالبخل به على من يستحقه.

وصدق الله إذ يقول: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي، إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ، وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً «١» .

وقوله- تعالى-: أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ تهديد لهذا الإنسان الكنود ... وتحريض له على التفكر والاعتبار، وتذكير له بأهوال يوم القيامة.

أى: أيفعل ما يفعل هذا الإنسان الجحود لنعم ربه.. فلا يعلم مآله وعاقبته إِذا بُعْثِرَ. أى: إذا أثير وأخرج وقلب رأسا على عقب ما فِي الْقُبُورِ من أموات حيث أعاد- سبحانه- إليهم الحياة، وبعثهم للحساب والجزاء، كما قال- تعالى-: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ أى: أثيرت وأخرج ما فيها. يقال: بعثر فلان متاعه، إذا جعل أسفله أعلاه.

وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أى: وجمع ما في القلوب من خير وشر وأظهر ما كانت تخفيه، وأبرز ما كان مستورا فيها، بحيث لا يبقى لها سبيل إلى الإخفاء أو الكتمان.

وأصل التحصيل: إخراج اللب من القشر، والمراد به هنا: إظهار وإبراز ما كانت تخفيه الصدور، والمجازاة على ذلك. ومفعول يَعْلَمُ محذوف، لتذهب النفس فيه كل مذهب ويجول الفكر في استحضاره وتقديره.

وقوله- تعالى-: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ جملة مستأنفة لزيادة التهديد والوعيد.

أى: إن رب المبعوثين للحساب والجزاء، لعليم علما تاما بأحوالهم الظاهرة والباطنة، في ذلك اليوم الهائل الشديد الذي يبعث فيه الناس من قبورهم، وسيجازى- سبحانه- الذين أساؤوا بما عملوا، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من أهل طاعته ومثوبته.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(١) سورة الإسراء الآية ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>