ألوهيته كما غالت بعض الفرق في تعظيم أنبيائها أو زعمائهم فادعت ألوهيتهم.
والسورة: الطائفة من القرآن المسماة باسم خاص، والتي أقلها ثلاث آيات، والضمير في قوله (من مثله) يعود على المنزل وهو القرآن.
والمراد من مثل القرآن: ما يشابهه في حسن النظم، وبراعة الأسلوب وحكمة المعنى. وهذا الوجه من الإعجاز يتحقق في كل سورة.
وقيل: إن الضمير في قوله (من مثله) يعود على المنزل عليه القرآن، وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم ولكن الرأى الأول أرجح.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: وعود الضمير إلى القرآن أرجح لوجوه:
أحدها: أن ذلك مطابق لسائر الآيات الواردة في باب التحدي لا سيما ما ذكره في سورة يونس من قوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ...
وثانيها: أن البحث إنما وقع في المنزل وهو القرآن، لأنه قال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا.. فوجب صرف الضمير إليه، ألا ترى أن المعنى، وإن ارتبتم في أن القرآن منزل من عند الله فهاتوا أنتم شيئا مما يماثله، وقضية الترتيب لو كان الضمير مردودا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقال: وإن ارتبتم في أن محمدا منزل عليه فهاتوا قرآنا مثله.
وثالثها: أن الضمير لو كان عائدا إلى القرآن لاقتضى كونهم عاجزين عن الإتيان بمثله سواء اجتمعوا أو انفردوا وسواء كانوا أميين أو عالمين، أما لو كان عائدا إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم فذلك لا يقتضى إلا كون آحادهم من الأميين عاجزين عنه، لأنه لا يكون مثل محمد إلا الشخص الأمى، فأما لو اجتمعوا وكانوا قارئين لم يكونوا مثل محمد، لأن الجماعة لا تماثل الواحد. والقارئ لا يكون مثل الأمى، ولا شك أن الإعجاز على الوجه الأول أقوى.
ورابعها: أننا لو صرفنا الضمير إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم لكان ذلك يوهم أن صدور مثل القرآن مما لم يكن مثل محمد في كونه أميا ممكن، ولو صرفناه إلى القرآن لدل ذلك على أن صدور مثله من الأمى ومن غير الأمى ممتنع فكان هذا أولى) «١» .
وقوله- تعالى-: وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ معطوف على قوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ.
وادعوا: من الدعاء، والمراد به هنا: طلب حضور المدعو أى: نادوهم.
وشهداءكم: أى: آلهتكم، جمع شهيد وهو القائم بالشهادة، فقد كانوا يزعمون أن آلهتهم
(١) تفسير الفخر الرازي ج ١ ص ٢٢٢.