أى. ثم إلى الله مرجعكم ومصيركم أيها الناس فيتولى- سبحانه- الحكم العادل بينكم فيما كنتم تختلفون فيه في دنياكم من شئون دينية أو دنيوية، ثم فصل سبحانه- هذا الحكم الذي سيحكم به على عباده يوم القيامة فقال: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بي وبما يجب الإيمان به فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
أى فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا بإيقاع العداوة والبغضاء والحروب بينهم، وبما يشبه ذلك من هزائم وأمراض وشقاء نفس لا يعلم مقدار ألمه إلا الله- تعالى- وأما في الآخرة فيساقون إلى عذاب النار وبئس القرار.
وقد أكد- سبحانه- شدة هذا العذاب بعدة تأكيدات منها نسبة العذاب إليه- سبحانه- وهو القوى القهار الغالب على كل شيء، ومنها التأكيد بالمصدر، ومنها الوصف بالشدة، ومنها الإخبار بأنه لا ناصر لهم ينصرهم من هذا العذاب الشديد في قوله- تعالى- وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أى ليس لهم من ناصر أيا كان هذا الناصر، وأيا كانت نصرته ولو كانت نصرة ضئيلة لا وزن لها ولا قيمة.
هذا هو جزاء الكافرين وأما جزاء المؤمنين فقد بينه- سبحانه- بقوله: وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ.
أى فسيعطيهم- سبحانه- بفضله وإحسانه بسبب إيمانهم وعملهم الصالح، أجورهم كاملة غير منقوصة، من ثواب جزيل، وجنات تجرى من تحتها الأنهار وأزواج مطهرة، ورضوان من الله أكبر من كل ذلك.
ففي هذه الجملة الكريمة بشارة عظمى للمؤمنين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا على طريقه.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
أى أنه- سبحانه- عادل في أحكامه، ويكره الظلم والظالمين الذين لا يضعون الأمور في مواضعها.
ومن أفحش أنواع الظلم ما يقوله أهل الكتاب على عيسى- عليه السلام- فقد زعم