وقوله وَلَوِ افْتَدى بِهِ جملة حالية، والواو للحال، أى لا يقبل من الذي مات على كفره هذا الفداء ولو في حال افتراض تحقق هذا الفداء في يده وتقديمه إياه لكي يدفعه لخالقه وينجو من العقوبة التي توعده بها.
أى أن العذاب الأليم نازل قطعا على هذا الذي مات على كفره، حتى ولو فرضنا أنه تصدق في الدنيا بملء الأرض ذهبا. وحتى لو فرضنا أنه ملك هذا المقدار النفيس الكثير من الأموال في الآخرة وقدمه فدية لنفسه من العذاب، فإن كل ذلك غير مقبول منه، ولا بد من نزول العذاب به.
وقد أشار ابن المنير إلى هذا المعنى بقوله:«قبول الفدية التي هي ملء الأرض ذهبا يكون على أحوال: منها: أن يؤخذ منه على وجه القهر فدية من نفسه كما تؤخذ الدية قهرا من مال القاتل على قول. ومنها أن يقول المفتدى في التقدير: أفدى نفسي بكذا وقد لا يفعل. ومنها أن يقول هذا القول وينجز المقدار الذي يفدى به نفسه ويجعله حاضرا عتيدا، وقد يسلمه مثلا لمن يأمن منه قبول فديته. وإذا تعددت الأحوال فالمراد من الآية أبلغ الأحوال وأجدرها بالقبول، وهو أن يفتدى بملء الأرض ذهبا افتداء محققا بأن يقدر على هذا الأمر العظيم ويسلمه وينجزه اختيارا ومع ذلك لا يقبل منه، فمجرد قوله أبذل المال وأقدر عليه أو ما يجرى هذا المجرى بطريق الأولى. فيكون دخول الواو والحالة هذه على بابها تنبيها على أن ثم أحوالا أخر لا ينفع فيها القبول بطريق الأولى بالنسبة إلى الحالة المذكورة. وهذا كله تسجيل بأنه لا محيص ولا مخلص لهم من العذاب، وإلا فمن المعلوم أنهم أعجز عن الفلس في ذلك اليوم، ونظير هذا التقدير من الأمثلة أن يقول القائل: لا أبيعك هذا الثوب بألف دينار ولو سلمتها إلى في يدي هذه»«١» .