للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن مروان بن معاوية بإسناد حديث هذا الباب: (ثمَّ قرأَ جريرُ) أي الصحابي، وكذا أخرجه أبو عَوانة في «صحيحه» يعلى بن عُبَيْد عن إسماعيل بن خالد، فظهر إنَّه وَقَعَ في سياق حديث الباب وما وافقه إدراج.

قال العلماء: وجه مناسبة ذكرها بين الصلاتين عند ذكر الرواية أنَّ الصَّلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لها بين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النَّظر إلى الله تعالى. وقيل: لما حقق رؤية الله تعالى برؤية القمر والشَّمس، وهما آيتان عظيمتان شرعت لكسوفهما الصَّلاة والذكر، ناسب من يحب رؤية الله أن يحافظ على الصَّلاة عند غروبها. انتهى.

قوله: (فَسَبَّحْ) التلاوةُ: {وَسَبِّحْ} بالواو لا بالفاء. قلت: وقد اختلف المحدِّثون في أنَّه إذا رُوي شيء على خلاف الصَّواب هل يصلح أو يقرأ كما هو؟ الأكثرون على أنَّه يقرأ على الصواب، وهذه المسألة لم يتعرض لها شيخنا ولا العَيني ههنا، وكان ينبغي التنبيه عليها. انتهى. والمراد بالتسبيح الصلاة.

وهذا ما سبق الوعد به من ذكر اختلاف الروايات في قوله: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ لَا تُضَامُوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ)، وفي لفظ للبخاري: ((إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ)) وفي التفسير: ((فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ) وعند اللالكائي عن البخاري: ((إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُوْنَ عَلَى رَبِّكُمْ وَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ) وعند الدَّارَقُطْني: وقال زيد بن أبي أُنَيْسَة: ((فتنظرُونَ إليهِ كما تنظرُونَ إلى هذا القمرِ) وقال وكيع: ((ستعاينُونَ) وسيأتي عند البخاري عن أبي هريرة وأبي سعيد: ((هَلْ تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمس فِي الظَّهِيْرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: هَلْ تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ فِيْهِ سَحَابَةٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ إلَّا كَمَا تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا))، وعن أبي موسى عنده بنحوه.

وعن أبي رَزِين العُقَيلي: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَكُلُّنَا يرى ربَهُ مَخليًّا بهِ يومَ القيامةِ؟ قالَ: نعم، قالَ: وما آيةُ ذلكَ في خلقهِ؟ قالَ: يا أبا رَزِين، أليس كلُّكم يرى القمرَ ليلةَ البدرِ مَخليًّا بهِ؟ قالَ: فاللهُ أعظمُ وأجلُّ، وذلكَ آيتهُ في خلقهِ)).

وعند ابن ماجَهْ عن جابر: ((بينا أهلُ الجنَّةِ في نعيمِهم إذ سطعَ لهمْ نورٌ فرفعُوا رؤوسَهم، فإذا الربُّ قدْ أشرفَ عليهم، فينظر إليهم وينظرون إليه) وعن صُهَيب عند مسلم فذكر حديثًا فيه: ((فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله تعالى شيئًا أحبُّ إليهم من النظر إليه)).

وفي «سنن اللَّالَكائي» عن أَنَس وأُبَي بن كعب وكعب بن عُجْرَة: ((سئلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم عنِ الزيادةِ في كتابِ اللهِ تعالى، قالَ: النَّظرُ إلى وجهِه)). انتهى.

استدلَّ بهذه الأحاديث وبالقرآن وإجماع الصحابة ومن بعدهم على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، وقد روى أحاديث الرؤية أكثر من عشرين صحابيًا، وقال أبو القاسم: روى رؤية المؤمنين لربِّهم عزَّ وجلَّ في القيامة: أبو بكر، وعلي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وأبو موسى، وابن عباس، وابن عمر، وحذيفة، وأبو أُمامة،

<<  <   >  >>