كذلك؛ لأنَّ وقت الصَّوم لا يتجزَّأ بخلاف الصَّلاة. انتهى
وقال شيخنا: استبعد غير مستبعد، وليس في كلام المُهَلَّب ما يقتضي أنَّ إيقاع العبادة في آخر وقتها أفضل من إيقاعها في أوَّله، وأمَّا إجزاء عمل البعض عن الكلِّ فمن قبيل الفضل، فهو كالخصوصيَّة سواء. انتهى.
هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في باب الإجارة إلى نصف النَّهار، عن سُلَيمان بن حرب عن حمَّاد عن أيُّوب عن نافع به، وأخرجه أيضًا في باب فضل القرآن، عن مُسَدَّد عن يحيى عن سُفْيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وأخرجه أيضًا في التوحيد عن أبي اليمان عن شُعَيب عن الزُّهْري عن سالم بن عبد الله، وأخرجه أيضًا في باب ما ذكر عن بني إسرائيل، عن قُتَيْبَة عن ليث عن نافع به، وأخرجه مسلم والتِّرْمِذي أيضًا.
قوله:(إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيْمَا سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ) ظاهره ليس؛ لأنَّ ظاهره أنَّ بقاء هذه الأمَّة وَقَعَ في زمان الأمم السَّالفة، وليس كذلك، وإنَّما معناه: أنَّ نسبتكم إليهم كنسبة وقت العصر إلى تمام النَّهار، وفي رواية التِّرْمِذي:((إنَّما أجلكم في أجلِ منْ خلا منَ الأممِ كما بينَ صلاةِ العصرِ إلى غروبِ الشَّمسِ))، قال شيخنا: وحاصله: أنَّ (فِي) بمعنى (إلى) وحذف المضاف وهو لفظ (نسبة)، وقد أخرج المُصَنِّف هذا الحديث، وكذا حديث أبي موسى الآتي بعده في أبواب الإجارة، ويقع استيفاء الكلام عليهما هناك إن شاء الله تعالى، والغرض هنا بيان مطابقتهما للترجمة والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منهما. انتهى.
قوله:(إِلَى غُرُوْبِ الشَّمْسِ) كان القياس أن يقال: وغروب الشَّمس بالواو؛ لأن بين يقتضي دخوله على متعدد، ولكن المراد من الصَّلاة وقت الصَّلاة وله أجزاء، فكأنَّه قال: بين أجزاء وقت صلاة العصر.
قوله:(أُوْتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ) قال العَيني: (أُوْتِيَ) على صيغة المجهول، أي أُعطي، فالتوراة الأولى مجرورة بالإضافة والثانية منصوبة على مفعول ثانٍ، قيل اشتقاق التوراة من الوَرْي ووزنها تفعلة، وقال الزَّمَخشَري: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، وتكلَّف اشتقاقهما من الوَرْي والنَّجْل ووزنهما بتَفْعلة وإفعيل إنَّما يصحُّ بعد كونهما عربيين. وقرأ الحسن:{الأنجيل} بفتح الهمزة، وهو دليل على العجمة؛ لأنَّ أفعيل بفتح الهمزة عديم في أوزان العرب. انتهى.
قال شيخنا: ظاهره أنَّ هذا كالشرح والبيان لما تقدَّم من تقريره مدَّة الزَّمانين، وقد زاد المُصَنِّف في رواية عبد الله بن دينار عن ابن عُمَر في فضائل القرآن هنا:((مَثَلُكُمْ مَثَلُ اليَهُوْدِ والنَّصَارَى)) إلى آخره، وهو يُشعر بأنهما قضيتان.
قوله:(قِيْرَاطًا قِيْرَاطًا) قال العَيني: القيراط نصف دانق، والمراد منه النَّصيب والحصة، وقد استوفينا الكلام فيه في باب اتباع الجنائز من الإيمان. قال شيخنا: كرَّر (قِيْرَاطًا) ليدلَّ على تقسيم القراريط على جميعهم؛ لأنَّ العرب إذا أرادت تقسيم الشيء على متعدِّد كررته كما يقال: اقسم هذا المال على بني فلان درهمًا درهمًا.
قوله:(عَجِزُوا) قال الدَّاوُدي: هذا مشكل؛ لأنَّه إن كان المراد من مات منهم مسلِّمًا فلا يوصف بالعجز لأنَّه عمل ما أمر به، وإن كان ممن مات بعد التغيير والتبديل