الروايةُ عن علي. مردودٌ بروايته الصحيحة عن ابن مسعود رضي الله عنه.
الثالث: قوله: مات ابنُ أمِّ مكتومٍ بالقادسية. مردودٌ بقول ابن حِبَّان في كتاب «الصحابة» : شَهِدَ القادسية ثم رجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عمر رضي الله عنه.
الرابع: قوله: إنَّ سِن ابن أبي ليلى لا يقتضي له السماع من عمر. مردودٌ بقول أبي حاتم الرازي - وسأله ابنُه: هل سمع عبد الرحمن من بلال؟ - فقال: بلالٌ خرج إلى الشام قديما في خلافة عمر، فإنْ كان رآه صغيرًا فهذا أبو حاتم لم ينكِر سماعَه من بلال المتوفى سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة، بل جوَّزه، فكيف ينكَرُ من عمر! ورواه البيهقي من حديث ابن شهاب الخياط عن العلاء بن المسيب عن ابن أم مكتوم: قلتُ: يا رسول الله إن لي قائدًا لا يُلازمني في هاتين الصلاتين العشاءِ والصبحِ. فقال:((لو يعلمُ القاعدون عنهما ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا)).
وفي «الأوسط» من حديث البزار: أن ابن أم مكتوم شكَى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسَأَله أن يرخِّصَ له في صلاة العشاء والفجر، وقال: أن بيني وبينك أَشَبٌ، فقال:((هل تسمع الأذان؟))، قال: نعم. مرَّةً أو مرتين، فلم يرخِّص له في ذلك.
وعنده أيضًا من حديث عَدي بن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة: جاء رجل ضريرٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أسمع النداء فلعلِّي لا أجد قائدًا، ويشُقُّ عليَّ أن أتخذ مسجدًا في بيتي، فقال - عليه السلام -: ((أيبلُغُك النداء؟)) قال: نعم، قال:((فإذا سمعتَ فأجِبْ)). وقال: تفرَّدَ زيد بن أبي أنيسة عن عدي عن عبد الله بن مغفل. قوله:«أَشَبٌ» بفتح الهمزة وفتح الشين المعجمة وفي آخره باءٌ موحدة، وهو كثرة الشجر، يقال: بلد آشِبةٌ إذا كانت ذات شجر، وأراد ههنا النخل.
وعند مسلم من حديث أبي هريرة: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يرخِّصَ له فيصلي في بيته فرخَّصَ له، فلما ولَّى دعاه فقال:((هل تسمع النداء بالصلاة؟)) قال: نعم، قال:((فأجب)). وخرَّجه السراج في «مسنده» من حديث عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أتى ابنُ أم مكتومٍ الأعمى... الحديث.
وبما رُويَ عن ابن عباسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم:((من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر)). خرجه ابن حِبَّان في «صحيحه» من حديث سعيد بن جبير عنه. وفَسَّر العذر في حديث سلمان بن قرم بلفظ:((من سمع النداء ينادَى به صحيحًا فلم يأتِهِ من غير عُذرٍ لم يقبل الله له صلاةً غيرها))، قيل: وما العذر؟ قال:((المرض والخوف)).
وبما رواه ابن ماجه من حديث الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن الحكم بن مينا أخبرني ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم سمعا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول على أعواده:((لينتَهِيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِم الجماعات أو لَيَخْتِمَنَّ اللهُ على قلوبهم)). قلتُ: المراد بأعوادِه: منبرُه عليه السلام.
وبما رواه ابن ماجه أيضًا من حديث الوليد بن مسلم عن الزِّبرِقان بن عمرو الضَّمري عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين رجالٌ على ترك الجماعة أو لأحرقن بيوتهم)). وبما رواه أبو سعيد بن يونس في «تاريخه» من حديث واهب