للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن عبد الله المعافري عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: ((لَأَنا على أمتي في غير الخمر أخوفُ عليهم من الخمر: سكنى البادية وتركِ المساجد)).

وبما رواه الطبراني في «الأوسط» بسند جيد عن أنس رضي الله عنه: ((لو أن رجلا دعا الناس إلى عَرْق أو مِرمَاتين لأجابوه، وهم يُدعون إلى هذه الصلاة في جماعة فلا يأتوها! لقد هممتُ أن آمر رجلًا يصلي بالناس في جماعة فأضرمها عليهم نارًا فإنه لا يتخلف إلا منافق)). وبما رواه أبو داود في «سننه» بسند لا بأس به عن أبي الدرداء مرفوعًا: ((ما من ثلاثةٍ في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما تأكل الذئبُ القاصيةَ)).

وبما رواه أبو نعيم الدُّكَيْنِي بسندٍ صحيحٍ يرفعُه: ((من سمع النداء فلم يجبْ من غير عذر فلا صلاة له)). وبما رواه الكَجِّي في «سننه» عن حارثة بن النعمان يرفعه: ((يخرج الرجل في غنيمته فلا يشهد الصلاة حتى يطبع على قلبه)). في إسناده عمر مولى عفرة. وعن أبي زُرَارة الأنصاري قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من سمع النداء فلم يجب كُتِبَ من المنافقين)). ذكره أبو يعلى أحمد بن علي المثنى في «مسنده» بسند فيه ضعف. وبما رواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» عن جابر رضي الله عنه قال - عليه السلام -: ((لولا شيءٌ لأمرتُ رجلًا يصلي بالناس ثم لحرقت بيوتًا على ما فيها)).

وأما استدلال من قال بأنها سنٌة أو فرض كفاية فيما تقدم في هذا الكتاب من الأحاديث التي فيها: ((صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذِّ))، لأن صيغة «أَفْعَل» تقتضي الاشتراك في الفضل وترجيحَ أحد الجانبين، وما لا يصحُّ لا فضل فيه. ولا يجوز أن يقال: إنَّ «أفضل» قد تُستعمل بمعنى الفاضل. ولا يقال: إنَّ ذلك محمول على صلاة المعذور فذًّا؛ لأن «الفَذّ» مُعرَّفٌ بالألف واللام فيفيد العموم ويدخل تحته كلُّ فذٍّ من معذورٍ وغيرِه. ويدل أيضًا أنه أراد غيرَ المعذور بقوله: ((أو في سوقه))، لأنَّ المعذور لا يروحُ إلى السوق، وأيضًا فلا يجوز أن يُحمَل (١) على المعذور لأن المعذور في أجر الصلاة كالصحيح.

واستدلوا أيضًا بما رواه الحاكم وصححه عن أُبَي بن كعب رضي الله عنه: ((صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاتِه وحدَه، وصلاته مع رجلين أزكى من صلاته مع رجل، وما كثُرَ فهو أحب إلى الله عز وجل)).

وبقوله - عليه السلام - لِلَّذَين صلَّيا في رحالهما من غير جماعة: ((إذا صليتُما في رحالكما ثم أتيتُما المسجد فصليا فإنَّها لكما نافلة)). فلو كانت الجماعة فرضًا لأمَرَهُما بالإعادة، ومثلُ هذا جرى لمحجن الديلي. ذكره في «الموطأ».

وأما الجواب عن حديث الباب فعلى أوجه:

أحدها: ما قاله ابن بطال، وهو أن الجماعة لو كانت فرضًا لقال حين توعَّدَ بالإحراق من تخلَّفَ عن الجماعة: «لم تجزيه صلاتُه»، لأنه وقتُ البيان. وتعقَّبَه ابن دقيق العيد بأنَّه البيان قد يكونُ بالتنصيص وقد يكون بالدلالة، فلَمَّا قال - عليه السلام -: ((لقد هممتُ...)) إلى آخره دَلَّ على وجوب الحضور وهو كافٍ في البيان.

قال العيني: ليس فيه دلالة من الدلالات الثلاث: المطابقة والتضمن والالتزام،


(١) ((يحمل)) ليس في (الأصل) والصواب إثباتها.

<<  <   >  >>