الإدغام، وهو من باب: التفاعل،
وقال الكرماني فإن قلت: التفاعل هو للإظهار أن أصل الفعل حاصل له وهو منتف ولا يريد حصوله نحو تجاهلت، قلت: يجيء لغير ذلك نحو: باعدته فتباعد. انتهى.
قال العيني: التحقيق في هذا أن تفاعل لمشاركة أمرين أو أكثر في أصله، يعني في مصدر فعله الثلاثي صريحاً، نحو: تضارب زيد وعمرو، فلذلك نقص مفعولاً عن فاعل.
وحاصله أنَّ وضع فاعل لنسبة الفعل إلى الفاعل متعلقاً بغيره، مع أنَّ الغير فعل مثل ذلك، ووضع تفاعل لنسبة المشتركين فيه من غير قصد إلى تعلق له، فلذلك جاء الأول زائداً على الثاني بمفعول أبداً، فإذا كان الأمر كذلك كان المقام يقتضي أنْ يقال: ورجلان تحاببا، من باب: المفاعلة، لا من باب: التفاعل،
ليدل على أن الغير فعل مثل ما فعل هو، فالجواب عنه: أن تفاعل قد يجيء للمطاوعة وهو كونها دالة على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد كقولك: باعدته فتباعد، فقولك: تباعد، عبارة عن معنى حصل عن تعلق تحاببا عبارة عن معنى حصل عن تعلق حابب.
والجواب الذي قاله الكرماني غير مستقيم، لأنَّ معنى ذاك هو الدلالة على أنَّ الفاعل أظهر أن المعنى الذي اشتق منه: تفاعل حاصل له مع أنه ليس في الحقيقة كذلك. فمعنى: تجاهل زيد أنه أظهر الجهل من نفسه، وليس عليه في الحقيقة فافهم، فإنَّه موضع دقيق. انتهى.
قال شيخنا: (تَحَابَّا) أي: اشتركا في جنس المحبة وأحب كل منهما الآخر حقيقة لا إظهار فقط، ووقع في رواية حماد بن زيد: ((ورجلان قال كل منهما للآخر إني أحبك في الله فصدرا على ذلك)) ونحوه في حديث سلمان قوله: (فِي الله) أي: لأجل الله لا لغرض دنيوي، وكلمة: (في) قد تجيء للسببية كما في قوله عليه السلام: ((في النفس المؤمنة مائة إبل)) أي بسبب قتل النفس المؤمنة. قلت: وقد تقدم الكلام في الاسم العظيم الأعظم في أول كتاب الوحي. انتهى.
قوله: (اجْتَمَعا عَلَى ذَلِك وتَفَرَّقَا عَلَيْه) في رواية الكُشْمِيهَنِي اجتمعا عليه وهي رواية مسلم أي على الحب يعني كان سبب اجتماعهما حب الله واستمروا عليه حتى تفرقا من مجلسهما، كذا قاله الكَرْمَاني.
قال العيني: ولا نحتاج إلى قوله: (حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجِلسِهِمَا) بل المعنى أنهما داما على المحبة الدينية ولم يقطعاها بعارض دنيوي سواء اجتمعا حقيقة أم لا حتى فرق بينهما الموت. انتهى.
قال شيخنا: ووقع في «الجمع» للحميدي ((اجتمعا على خير)) ولم أر ذلك في شيء من نسخ «الصحيحين» ولا غيرهما من «المستخرجات» وهي عندي تحريف. انتهى.
فإن قلت: قال عليه السلام: (سَبْعَةٌ) ثم قال في التفصيل: (رَجُلَان) فيكون المتصفون ثمانية لا سبعة؟ أجيب عن ذلك: بأنَّ المعنى ورجل يحب غيره في الله، والمحبة أمر نسبي فلا بد لها من المنتسبين فلذلك قال: (رجُلَان)، ولأنَّ الغرض عد الخصال لا عد جميع من اتصف بها.
قلت: قد تقرر آنفاً أنَّ المراد الاجتماع على المحبة سواء اجتمعا حقيقة