للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أم لا حتى لو كان أحدهما في المشرق والآخر في المغرب وسمع كل واحد منهما أنَّ الآخر من الطائعين لله فأحب كل واحد صاحبه لله كان الحكم كذلك، إذا علمت ذلك فاعلم أنَّ في هذا بشارة عظيمة لجميع الأمة لأنهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبهم وذلك في الله بلا شك، ويؤيده قوله عليه السلام: للذي سأله عن الساعة ((أنت مع من أحببت)). انتهى.

قوله: (وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ) أي: الخامس رجل طلبته ذات منصب، قال شيخنا: بين المحذوف أحمد في روايته عن يحيى القطان فقال: (دَعَتْهُ امْرَأةٌ) وكذا في رواية كريمة، ولمسلم وهو عند المصنف في الحدود عن ابن المبارك انتهى. وزاد ابن المبارك: (إلى نَفْسِهَا) وفي رواية البيهقي في «شعب الإيمان» من طريق أبي صالح عن أبي هريرة: (فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْه) والمراد بالمنصب: الأصل أو شرف.

وفي رواية قال: (دَعَتْه ذَاتُ حَسَبٍ) وهو يطلق أيضاً على الأصل وعلى المال أيضاً ووصفها بأكمل الأوصاف التي جرت العادة بمزيد الرغبة لمن تحصل فيه وهو المنصب الذي يستلزم الجاه والمال مع الجمال وقلَّ من يجتمع ذلك فيها من النساء.

قال شيخنا: والظَّاهر أنها دعته إلى الفاحشة وبه جزم القرطبي ولم يحك غيره، وقيل: يحتمل أنْ تكون دعته إلى التزوج بها فخاف أن يشتغل عن العبادة بالافتتان بها، أو خاف أنْ لا يقوم بحقها لشغله بالعبادة عن التكسب لما يليق بها، والأول أظهرٌ ويؤيده وجود الكناية في قوله: (إلى نفسها) ولو كان المراد التزويج لصرح به والصبر عن الموصوفة بما ذكر من أكمل المراتب لكثرة الرغبة في مثلها وعسر تحصيلها لا سيما وقد أغنت من مشاق التوصل إليها بمراودة ونحوها.

قلت: قد وقع هذا بعينه ليوسف عليه السلام، وحكي أنَّه وقع مثله لابن سيرين فرأى يوسف في المنام وقال له أنت الذي راوَدَتْك فلانةٌ عن نفسها فتركتها خوفاً من الله كما وقع لي مع زليخة، فقال: نعم، فقال: افتح فاك فخذ ما وهبني الله من العلم، ففتح فاه فتفل فيه فأوتي ما حصل له من علم التعبير. انتهى.

قوله: (فَقَالَ إنِّي أخَافُ الله) زاد في رواية كريمة رب العالمين، قال القاضي عياض: يحتمل أنْ يقول ذلك بلسانه ويحتمل بقلبه ليزجر نفسه.

قال القرطبي: إنما يصدر ذلك عن شدة خوف من الله والصبر عنها لخوف الله من أكمل المراتب وأعظم الطاعات.

قوله: (ورجُلٌ تَصَدَّقَ) أي: السادس (رَجُلٌ تَصَدَّق أخفَى) بلفظ الماضي وهو جملة وقعت حالاً بتقدير: قد، ومفعول: أخفى، محذوف أي: أخفى الصدقة، ووقع في رواية أحمد: (فأخفى)، وكذا في رواية البخاري في الزكاة: عن مسدد عن يحيى: ((تصدق بصدقة فأخفاها))، ومثله لمالك في «الموطأ».

ظاهر أنَّ راوي الأول حذف العاطف. ووقع في رواية الأَصِيْلِي: تصدق إخفاء، بكسر الهمزة ممدوداً

<<  <   >  >>