للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوهم من يحيى وهو محتمل بأن يكون منه لما حدث به هذين خاصة مع احتمال أن يكون الوهم منهما تواردا عليه.

وقد تكلف بعض المتأخرين توجيه هذه الرواية المقلوبة وليس بجيد، لأن المخرج متحد ولم يختلفوا فيه على عبيد الله بن عمر شيخ يحيى فيه ولا على شيخه خبيب ولا على مالك رفيق عبيد الله بن عمر فيه، وأمَّا استدلال عياض على أنَّ الوهم فيه ممن دون مسلم بقوله في رواية مالك مثل عبيد الله لكونهما ليستا متساويتين، والذي يظهر أنَّ مسلماً لا يقصر لفظ المثل على المساوي في جميع اللفظ، والترتيب بل في المعظم إذا تساويا في المعنى.

والمعنى المقصود من هذا الموضع: إنَّما هو أخفى الصدقة، ولم نجد هذا الحديث من وجه من الوجوه إلا عن أبي هريرة إلا ما وقع عند مالك من التردد هل هو عنه أو عن أبي سعيد كما قدمناه قبل، ولم نجده عن أبي هريرة إلا من رواية حفص ولا عن حفص إلا من رواية خبيب، نعم أخرجه البيهقي في «الشعب» من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، والراوي له عن سهيل عبيد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف لكنه ليس بمتروك، وحديثه حسن في المتابعات.

ووافق في قوله: (تَصَدَّق بِيَمِيْنِه) وكذا أخرجه سعيد بن منصور من حديث سلمان الفارسي بإسناد حسن مرفوعاً: ((أنَّ الملائكة قالت: رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم الحديد، قالت: فهل أشد من الحديد قال نعم النار قالت فهل أشد من النار قال نعم الماء، قالت فهل أشد من الماء قال نعم الريح قالت فهل أشد من الريح قال نعم بن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله)).

ثم إن المقصود منه المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إنَّ شماله مع قربتها من يمينه وملازمتها بحيث لو تصور أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين لشدة إخفائها، فهو على هذا من مجاز التشبيه.

ويؤيده رواية حماد بن زيد عند الجَوْزَقِي: ((تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه من شماله))، ويحتمل أن يكون من مجاز الحذف، والتقدير حتى لا يعلم ملك شماله.

وأبعد من زعم أنَّ المراد بشماله نفسه وأنه من تسمية الكل باسم الجزء فإنه ينحل إلى أن نفسه لا تعلم ما تنفق نفسه،

قلت: ويمكن أنْ يراد بهذا أنَّ المتصدق لا ينظر إلى صدقته فأطلق العلم على النظر. انتهى.

وقيل: هو من مجاز الحذف والمراد بشماله من على شماله من الناس كأنَّه قال: مجاور شماله، وقيل: المراد أنه لا يرائي بصدقته فلا يكتبها كاتب الشمال، وحكى القرطبي عن بعض مشايخه: أنَّ معناه أن يتصدق على الضعيف المكتسب في صورة الشراء لترويج سلعته أو رفع قيمتها واستحسنه.

قال شيخنا: وفيه نظر، إن كان أراد أنَّ هذه الصورة مراد الحديث خاصة، وإنْ أراد أنَّ هذا من صور الصدقة المخفية فمُسَلَّمٌ والله أعلم. انتهى.

قوله: (وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله) أي: السابع رجل ذكر الله خالياً أي خالياً من الخلق لأنه حينئذٍ

<<  <   >  >>