ومرادُها زيادةٌ على ذلك، وهو أنه لا يتشاءم الناسُ به، وقيل: لأنها علمت أن الناس علموا أن أباها يصلح للخلافة فإذا رأوه استشعروا بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره.
قال شيخنا: وقد صرحت عائشة فيما بعدَ ذلك بقضية التشاؤم فقالت: لقد راجعتُه وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعدَه رجلاً قام مقامَه أبداً. الحديث، وسيأتي بتمامه في باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر المغازي إن شاء الله تعالى، وأخرجه مسلم أيضاً، قال شيخنا: وبهذا التقدير يندفع إشكال من قال: إن صواحب يوسف لم يقع منهن إظهارٌ يخالف ما في الباطن، قلت: مراد شيخنا بقوله: وبهذا التقدير... إلى آخر قوله إن المراد بصواحب يوسف زليخا فقط. انتهى. قال: ووقع في مرسل الحسن عند ابن أبي خُثَيمة أن أبا بكر رضي الله عنه أمر عائشة أن تكلم النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يَصرف ذلك عنه، فأرادت التوصُّل إلى ذلك بكل طريق فلم يَتِمَّ، ووقع في «أمالي ابن عبدالسلام» أن النسوة أتين امرأة العزيز يظهرن (١) تعنيفها ومقصودُهن في الباطن أن يدعون يوسف إلى أنفسهن، كذا قال، وليس في سياق الآية ما يساعد ما قاله.
فائدة: زاد حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم في هذا الحديث أن أبا بكر هو الذي أمر عائشة أن تشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يأمر عمر بالصلاة، أخرجه الدورقي في «مسنده»، وزاد مالك في روايته التي ذكرناها فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منكِ خيراً، ومثلُه للإسماعيلي في حديث الباب، وإنما قالت حفصةُ ذلك لأن كلامها صادف المرةَ الثالثة من المعاودة وكان صلى الله عليه وسلم لا يراجَع بعدَ ثلاثٍ، فلما أشار إلى الإنكار عليها بما ذَكَر من أنهن صواحبُ يوسف وجدت حفصة في نفسها من ذلك لكون عائشة هي التي أمرتها بذلك، ولعلها تذكرت ما وقع لها معها أيضا في قصة المغافير كما سيأتي في موضعه. انتهى.
قوله:(فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ) وفي رواية الكُشْمِيهَني: (لِلنَّاسِ).
قوله:(فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي) فإن قلت: كيف تتصور الصلاة وقت الخروج؟ يقال: لفظُ يصلي، وقع حالا من الأحوال المنتظرة. وفي رواية:(فَصَلَّى)، بفاء العطف، وهي رواية المستملي والسَّرَخْسي، ورواية غيرهما:(يُصَلِّي) بالياء آخر الحروف، وظاهرُه أنه شرع في الصلاة، ويحتمل أنه تهيأ لها، ويؤيده رواية الأكثرين لأنه حال، ففي حالة الخروج كان متهيأً للصلاة ولم يكن مصلياً.
فإن قلتَ: في رواية أبي معاوية عن الأعمش: فلما دخل في الصلاة، يقال: يحتمل أن يكون المعنى: فلما أراد الدخول في الصلاة، أو: فلما دخل في مكان الصلاة، وفي رواية موسى بن أبي عائشة: فأتاه الرسولُ، أي بلالٌ لأنه هو الذي أعلَمَ بحضور الصلاة. وفي رواية: فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصليَ بالناس. فقال