للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لرواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس، ولم أقف في رواية عبد العزيز على تسمية أبيه، وكأنه بَنَى على أنَّ اسمه تصحَّفَ والأبُ واحدٌ سمَّاهُ جابرٌ ولم يسمه أنس.

وجاء في تسميته قولٌ آخر أخرجه أحمد من رواية معاذ بن رِفاعة: عن رجل من بني سلِمة يقال له: سُلَيْم، وقد رواه الطحاوي والطبراني من هذا الوجه عن معاذ بن رِفاعة: أن رجلاً من بني سلِمة... ، ورواه البزار من وجهٍ آخر عن جابرٍ فسماه سُلَيْمًا، لكن وقع عند ابنِ حزم من هذا الوجهِ أنَّ اسمه: سَلْم (١) بفتح السين وسكون اللام.

قال شيخنا: وقولُه في رواية مسلم: ثم صَلَّى. لكنْ ذَكَر البيهقيُّ أن محمد بن عباد شيخَ مسلم تفرد عن ابن عيينة بقوله: ثم سلَّم. وأَنَّ الحفاظ من أصحاب ابن عيينة وكذا من أصحاب شيخِه عمرو بن دينار وكذا من أصحاب جابرٍ لم يذكروا السلامَ، وكأنه فَهِم أن هذه اللفظة تدلُّ على أن الرجلَ قطع الصلاة، لأن السلام يتحلل به من الصلاة، وسائر الروايات تدلُّ على أنه قطع القدوةَ فقط ولم يخرج من الصلاة بل استمر فيها منفرداً. قال الرافعي في «شرح المسند» - في الكلام على رواية الشافعي رضي الله عنه عن ابن عيينة في هذا فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده -: هذا يُحتمل من جهة اللفظ أنه قَطَع الصلاة وتنحَّى عن موضع صلاته واستأنفَها لنفسه، لكنه غيرُ محمول عليه، لأن الفرض لا يُقطع بعد الشروع فيه. انتهى. ولهذا استدل به الشافعية على أن للمأموم أن يقطع القدوةَ ويُتِمَّ صلاتَه منفرداً. ونازع النوويُّ فيه فقال: لا دَلالة فيه، لأنه ليس فيه أنه فارَقَه وبنى على صلاتِه، بل في الرواية التي فيها أنه سَلَّم دليلٌ على أنه قَطَع الصلاةَ من أصلها ثم استأنفَها، فيدل على جواز قطع الصلاةِ وإبطالها بعذر.

قال شيخنا: واستُدِل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، وذلك لأنَّ ابن جريج روى عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب: هي له تطوعٌ ولهم فريضة. قال العيني: فزعم أبو البركات ابن تيمية: أن الإمام أحمد ضعَّف هذه الزيادة، وقال: أخشى أن لا تكون محفوظة، لأن ابن عيينة يزيد فيها كلاماً لا يقوله أحد، وقال ابن قدامة في «المغني» : وروى الحديثَ منصورُ بن زاذان وشعبة فلم يقولا ما قال سفيان بن (٢) عيينة. وقال ابن الجوزي: هذه الزيادة لا تصح، ولو صحَّتْ لكانت ظنًّا من جابر، وبنحوه ذَكَره ابن العربي في «العَارِضَة» (٣). وقال الطحاوي: إنَّ ابن عيينة روى عن عمرو حديث جابر أَتَمَّ من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة.

قال شيخنا: ويدل على أن معاذاً كان ينوي بالأولى الفرضَ وبالثانية النفلَ ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرُهم من طريق بن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد: هي له تطوع ولهم فريضة. كما تقدم آنفاً، وهو حديث صحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه منه فانتفت تهمة تدليسه، فَقَولُ (٤) ابن الجوزي: إنه لا يصح. مردودٌ.

وتعليلُ الطحاوي له أن ابن عيينة ساقَه عن عمرو أَتَمَّ من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة. ليس (٥) بقادح في صحته، لأن بن جريج أسنُّ وأجَلُّ من ابن عيينة وأقدمُ أخْذًا عن عمرو، ولو (٦) لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافيةً لرواية من هو أحفظُ منه ولا أكثرُ عددًا فلا معنى للتوقف مِن الحكم بصحتها، وأما رَدُّ الطحاوي


(١) في (الأصل) : ((سليم)) والصواب ((سَلم)).
(٢) في (الأصل) : ((ابن سفيان)) والصواب ((سفيان بن)).
(٣) في (الأصل) : ((المعارضة)) والصواب ((العارضة)) وهي عارضة الأحوذي.
(٤) في (الأصل) : ((بقول)) والصواب ((فقول)).
(٥) في (الأصل) : ((وليس)) والصواب ((ليس)).
(٦) كلمة: ((لو)) ساقطة في (الأصل).

<<  <   >  >>