للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضحى إلى آخر القرآن. وقيل: أولُ الطوال من قَاف، وقال الخطابي: رُوي هذا في حديث مرفوع، وحكى القاضي عياض أنه من الجاثية وهو قريب (١)، وسمي المفصَّل لكثرة الفصول فيه، وقيل: لقلة المنسوخ فيه. قال شيخنا: قوله: (أَوْسَطِ) يحتمل أن يريد به المتوسطَ، والسورُ التي مَثَّل بها من قِصار المتوسط، ويحتمل أن يريد به المعتدِل أي المناسِب للحالة من المفصَّل.

قوله: (قَالَ عَمْرٌو: وَلَا أَحْفَظُهُمَا) أي: قال عمرو بن دينار: لا أحفظ السورتين المأمورَ بهما، وكأنَّ عَمْرًا قال ذلك في حال حديثه لشعبة، وإلا ففي رواية سليم بن حيان عن عمرو: ((اقْرَأْ والشمسِ وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى ونحوها)).

استدل الشافعي رضي الله عنه بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل بناءً على أن معاذًا كان ينوي بالأولى الفرض، وبالثانية النفل. وبه قال أحمد في رواية، واختاره ابن المنذر، وهو قول عطاء وطاووس وسليمان بن حرب وداود، وقال الحنفية: لا يصلي المفترضُ خلف المتنفل، وبه قال مالك في رواية، وأحمد في روايةِ أبي الحارث عنه، وقال ابن قدامة (٢) : اختار هذه الرواية أكثر أصحابنا - أي الحنابلة -، وهو قول الزهري والحسن البصري وسعيد بن المسيب والنخعي وأبي قلابة ويحيى بن سعيد الأنصاري، وقال الطحاوي: وبه قال مجاهد وطاووس. انتهى.

قال شيخنا فيما تقدم آنفاً: ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني... إلى آخره. انتهى. قال العيني: الجواب عن هذا: أن هذه زيادة قد ذكرنا ما قالوا فيها، أي فيما تقدم أيضاً، قال: ونقول أيضاً: إن معاذًا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاةَ النهار ومع قومه صلاة الليل، فأخبر الراوي في قوله: فهي لهم فريضةٌ وله نافلة. بحالِ معاذ في وقتين لا في وقتٍ واحد، أو نقول: هو حكاية حالٍ لم نعلم كيفيتها فلا نعملُ بها، ونستدل بما في «صحيح ابن حبان» : ((الإمامُ ضامن)). يعني: يضمنُها صحةً وفسادًا، والفرضُ ليس مضمونًا في النفل. وقال ابن بطال: ولا اختلاف أعظمُ من اختلاف النيات، ولأنه لو جاز بناءُ المفترض على صلاة المتنفل لما شُرِعت صلاةُ الخوف مع كل طائفةٍ بعضُها، وارتكابُ الأعمال التي لا تصح الصلاة معها في غير الخوف، لأنه كان يمكنه أن يصلي مع كل طائفة جميعَ الصلاة وتكونُ الثانيةُ له نافلةً وللطائفة الثانية فريضة. انتهى.

قال شيخنا: جوابُه أنه ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاةَ الخوف مرتين، كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة صريحًا، ولمسلم عن جابر نحوُه، وأما صلاتُه لهم على أنواعٍ من المخالفة فلِبيان الجواز. انتهى. وأما قول الطحاوي: لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره. فجوابه: أنهم لا يَختلفون في أَّن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيرُه حجةٌ، والواقع كذلك هنا، فإنَّ الذين كان يصلي بهم معاذ كلُّهم صحابة، ومنهم ثلاثون عَقَبِيًّا، وأربعون بَدْرِيًّا، قاله ابن حزم. قال: ولا يُحفَظ عن غيرِهم من الصحابة امتناعُ ذلك، بل قال بعضُهم بالجواز: عمرُ وابنُ عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم. انتهى.

قال الطحاوي أيضاً: لو سلَّمنا جميعَ ذلك لم يكن فيه حُجَّةٌ لاحتمال أن ذلك كان في الوقت


(١) طمس في (الأصل) ولعل الكلمة: ((قريب)).
(٢) كلمة: ((ابن قدامة)) ساقطة في (الأصل) وقاله في المغني.

<<  <   >  >>