للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَالس بَين أَصْحَابه، فَقَالَ: جَزَاك الله خيرا، وَبَارك عَلَيْك، فقد أوفيت، وأطبت، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُولَئِكَ خِيَار عباد الله يَوْم الْقِيَامَة، الموفون الطيبون ".

قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل - رَحمَه الله -: " هَذَا الحَدِيث يجمع فنوناً من الْأَحْكَام، وعيوناً من آدَاب الْإِسْلَام: مِنْهَا جَوَاز ابتياع الشريف من المشروف / والمتبوع من التَّابِع، وَمِنْهَا حسن التِّجَارَة، وارتفاع قدرهَا، وعلو أمرهَا. وَمِنْهَا أَن الإِمَام يَلِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ، وَلَا يكون ذَلِك وَاضِعا من قدره، وَمِنْهَا صِحَة ابتياع الْحَيَوَان بالمصوق من التَّمْر غير الْمُؤَجل، وَهَذَا أصل فِي جَوَاز السّلم الْحَال خلافًا على الْعِرَاقِيّ حِين أَبَاهُ محتجاً بقول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أسلم فليسلم فِي كيل مَعْلُوم، وَأجل مَعْلُوم.

وَالْحَدِيثَانِ متفقان، وعَلى مَذْهَب التَّأْلِيف متسقان، وَلَكِن الحَدِيث الَّذِي رَوَوْهُ، الْغَرَض مِنْهُ أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما؛ إِذْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورد الْمَدِينَة وهم يسلفون إِلَى آجال مُتَفَاوِتَة، وأوقات غير مَعْلُومَة؛ فنهاهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، وعرفهم أَن الْأَجَل الَّذِي يَصح بِهِ هَذَا العقد على حكم الدّين والشريعة، وَهُوَ الْأَجَل الْمَعْلُوم دون أَن يقْصد قصد إبِْطَال مَا هُوَ أعرف من الْأَجَل الْمَعْلُوم الْمُقْتَضى حَقه فِي فَور العقد مَعَ امْتنَاع التَّأْخِير والبعد.

وَالْأَصْل فِي البيع كُله الْحُلُول والنقد، وَالْأَجَل ترخيص وترفيه، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن لَا بيع يمْتَنع عَن جَوَازه لكَونه نَقْدا، وبيوع كَثِيرَة تمْتَنع عَن الصِّحَّة للأجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>