أَبُو عبد الله الْحَلِيمِيّ - رَحمَه الله -: " لما أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاة فَهُوَ أحد شَيْئَيْنِ:
إِمَّا أَن يكون خصّه بِالْخِطَابِ لما صَار من أهل التَّمْيِيز والمعرفة دون سَائِر الصغار، ليَكُون ذَلِك كَرَامَة لَهُ ومنقبة، فَلَمَّا توجه عَلَيْهِ الْخطاب والدعوة صحت مِنْهُ الْإِجَابَة، وَسَائِر الصغار لَا يتَوَجَّه عَلَيْهِم الْخطاب والدعوة فَلَا يَصح مِنْهُم الْإِسْلَام.
اَوْ يكون خطاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَام وَالصَّلَاة يَوْمئِذٍ على أَنه بَالغ عِنْده؛ لِأَن الْبلُوغ بِالسِّنِينَ لَيْسَ مِمَّا شرع فِي أول الْإِسْلَام، بل لَيْسَ يحفظ قبل قصَّة ابْن عمر فِي أحد وَالْخَنْدَق فِي ذَلِك شَيْء، فَالظَّاهِر أَن النَّاس كَانُوا يجرونَ فِي ذَلِك على رَأْيهمْ وَمَا تعارفوه من أَن الصَّبِي من لَا يُمكن أَن يُولد لَهُ، وَالرجل من يُمكن أَن يُولد لَهُ، وَكَانَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - ابْن عشر سِنِين لما أسلم، وَظَاهر من يُقَال إِنَّه ابْن عشر أَنه اسْتكْمل عشرا، أَو دخل فِي الْحَادِي عشر. وَمن بلغ هَذِه السن فقد يُمكن من أَن يُولد بِهِ. فَلَمَّا شرع الْبلُوغ بعد ذَلِك السنين، وَنظر إِلَى السن الَّتِي كل من بلغَهَا جَازَ أَن يُولد لَهُ دون السن الَّتِي ينْدر مِمَّن بلغَهَا الإيلاد، وَكَانَ من قصرت سنوه عَن ذَلِك الْحَد صَغِيرا فِي الحكم، وَلم يجز أَن يَصح إِسْلَامه، وَالله أعلم.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: فعلى قَول من قَالَ: " أسلم عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة " صَحَّ إِسْلَامه. (وعَلى قَول من زعم أَنه أسلم وسنه دون ذَلِك صَحَّ إِسْلَامه) أَيْضا على الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا الْحَلِيمِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى.